مُلخّص
تعرضنا لإطلاق النار متكرر. رأيت أناسا يُقتلون بطريقة لم أتخيلها قط. رأيت 30 شخصا قُتلوا على الفور. دفعت نفسي تحت صخرة ونمت هناك. شعرت بأشخاص ينامون حولي. أدركت أن من اعتقدت أنهم أشخاصا ينامون حولي كانوا في الواقع جثثا. استيقظتُ وكنت وحدي.
—حمدية، 14 عاما
قتل حرس الحدود السعودي المئات على الأقل من المهاجرين وطالبي اللجوء الإثيوبيين الذين حاولوا عبور الحدود اليمنيّة-السعودية بين مارس/آذار 2022 ويونيو/حزيران 2023. يُشير بحث "هيومن رايتس ووتش" إلى أن القتل مستمر حتى وقت كتابة هذا التقرير. استخدم حرس الحدود السعودي أسلحة متفجرة وأطلقوا النار على أشخاص من مسافة قريبة، منهم نساء وأطفال، في نمط واسع النطاق ومنهجي. إذا ارتُكبت عمليات القتل هذه كجزء من سياسةٍ للحكومة السعودية تقضي بقتل المهاجرين، فستكون جريمة ضد الإنسانية. في بعض الحالات، سأل حرس الحدود السعودي الناجين أولا عن الطرف من جسمهم الذي يُفضّلون إطلاق النار عليه، قبل إطلاق النار عليهم من مسافة قريبة. كما أطلق حرس الحدود السعودي نيران أسلحة متفجرة على مهاجرين كان أُطلق سراحهم لتوهم بعد احتجازهم مؤقتا من قبل السلطات السعودية وكانوا يحاولون الفرار عائدين إلى اليمن.
يُقدّر بأن حوالي 750 ألف إثيوبي يعيشون ويعملون في السعودية. في حين يُهاجر الكثيرون لأسباب اقتصادية، فرّ عدد منهم بسبب الانتهاكات الحقوقية الجسيمة التي ارتكبتها حكومتهم، منها تلك المرتكبة خلال النزاع المسلح الوحشي الأخير في شمال إثيوبيا. حاول المهاجرون الإثيوبيون لعقود استخدام درب الهجرة الخطير – المعروف باسم "الدرب الشرقي" أو أحيانا "الدرب اليمني" – من القرن الأفريقي، عبر خليج عدن، وعبر اليمن إلى السعودية. يُقدّر بأن أكثر من 90% من المهاجرين على هذا الدرب إثيوبيون. ويستخدم هذا الدربَ المهاجرون من الصومال وإريتريا، وأحيانا من دول أخرى في شرق أفريقيا. شهدت السنوات الأخيرة زيادة في نسبة النساء والفتيات المهاجرات على الدرب الشرقي.
وصف مهاجرون وطالبو لجوء رحلتهم إلى الحدود اليمنيّة-السعودية بأنها مليئة بالانتهاكات وتُسيطر عليها شبكة من المُهرّبين والمتاجرين بالبشر الذين اعتدوا عليهم جسديا لابتزاز المال من أقاربهم أو معارفهم في إثيوبيا أو السعودية.
منذ بدء النزاع المسلح في اليمن في 2014، احتجزت الحكومة وجماعة الحوثيين المسلحة مهاجرين في ظروف سيئة وأخضعتهم للانتهاكات. في 2014، وثّقت هيومن رايتس ووتش انتهاكات، منها التعذيب، بحق المهاجرين في معسكرات احتجاز في اليمن يديرها متاجرون يحاولون ابتزاز المال. في 2018، وثّقت هيومن رايتس ووتش قيام حراس يمنيين بتعذيب واغتصاب مهاجرين وطالبي لجوء إثيوبيين وغيرهم من القرن الأفريقي في مركز احتجاز في عدن وتعاونهم مع المهرّبين لترحيل المهاجرين في مجموعات كبيرة ليواجهوا ظروفا خطرة في البحر. في 2021، وثّقت هيومن رايتس ووتش موت عشرات المهاجرين الإثيوبيين احتراقا بعدما أطلقت قوات الحوثيين مقذوفات على مركز احتجاز المهاجرين في صنعاء، والذي يخضع لسيطرتها، ما تسبب بحريق. ويواجه اليمن إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، حيث تعتمد الغالبية العظمى من السكان على المساعدات للبقاء على قيد الحياة.
بين يناير/كانون الثاني ويونيو/حزيران 2023، قابلت هيومن رايتس ووتش عبر الهاتف 42 مهاجرا وطالب لجوء إثيوبي حاولوا عبور الحدود بين السعودية واليمن، أو أصدقاء وأقارب من حاولوا العبور. جميعهم حاولوا العبور بين مارس/آذار 2022 ويونيو/حزيران 2023. كما حلّلت هيومن رايتس ووتش أكثر من 350 فيديو وصورة على مواقع التواصل الاجتماعي أو من مصادر أخرى صُوّرت بين 12 مايو/أيار 2021 و18 يوليو/تموز 2023، وعدة مئات من الكيلومترات المربعة من صور الأقمار الصناعية التُقطت بين فبراير/شباط 2022 ويوليو/تموز 2023. تُظهر هذه الصور مهاجرين قتلى وجرحى على المسارات، وفي المخيمات، والمرافق الطبية، وازدياد مساحة مواقع الدفن قرب مخيمات المهاجرين، واتساع البنية التحتية الأمنية للحدود السعودية، والطرق التي يستخدمها المهاجرون حاليا لمحاولة عبور الحدود.
قال مهاجرون وطالبو لجوء لـ هيومن رايتس ووتش إنه بعد عبور خليج عدن من جيبوتي إلى عدن في رحلات تشكل خطرا على الحياة، في قوارب مكتظة وغير صالحة للإبحار، ومع قدر صغير من الطعام والماء، فصلهم المهربون اليمنيّون في مجموعات وفقا لإثنيتهم الإثيوبية. ثم أخذهم المهربون إلى محافظة صعدة، الخاضعة حاليا لسيطرة جماعة الحوثيين المسلحة، المعروفة أيضا باسم "أنصار الله"، على الحدود مع السعودية. أخذ المهربون التيغرانيين إلى مخيم غير رسمي للمهاجرين يُدعى الرّقو، وأخذوا الأوروم إلى مخيم يسمى الثابت، وكلاهما في صعدة.
قال العديد ممن تمت مقابلتهم إن قوات الحوثيين تتحكّم في الدخول إلى المخيمات والخروج منها وعملت مع المهربين للتحكّم في إقامتهم في صعدة. غالبا ما تبتز قوات الحوثيين رشاوى من المهاجرين أو تنقلهم إلى ما وصفه المهاجرون بمراكز احتجاز يتعرض الناس فيها لانتهاكات، إلى أن يدفعوا رسوم الخروج. أحيانا، كانت قوات الحوثيين تجمع المهاجرين الذين كانوا قد أصيبوا أثناء عبورهم إلى السعودية من مستشفيات صعدة حتى إذا كانوا مصابين من محاولة عبور، وتعيدهم قسرا إلى المهربين في المخيمات.
قال الأشخاص الذين تمت مقابلتهم إن المخيمين في صعدة يضمان عشرات آلاف المهاجرين الذين ينتظرون دورهم لعبور الحدود إلى السعودية. يحاول الرجال، والنساء، والأطفال العبور في مجموعات تصل إلى 200 شخص. قال المهاجرون الذين سافروا في مجموعات كبيرة لـ هيومن رايتس ووتش إن مجموعاتهم كانت تضم نساء أكثر من الرجال وعددا من الأطفال غير المصحوبين بذويهم. كان الأشخاص غير القادرين على دفع رسوم المهربين بالكامل يُجبَرون على السير في مقدمة المجموعة، وبالتالي كانوا الأكثر عرضة للإصابة أو القتل بهجمات الأسلحة المتفجرة أو إطلاق النار.
غالبا ما شوهد حرس الحدود السعودي إما يقومون بدوريات في المنطقة الحدودية حاملين بنادقهم أو في "سيارات" أو مركبات كبيرة مع ما يبدو أنها قاذفات صواريخ مثبتة في الخلف بحسب الذين تمت مقابلتهم. قال عدة مهاجرين إنهم رأوا كاميرات تتّبع تحركاتهم كانت مثبتة على ما يشبه "مصابيح الشوارع" على الجانب السعودي من الحدود.
القتل على الحدود
في حين وثّقت هيومن رايتس ووتش في السابق قتل المهاجرين على الحدود بين اليمن والسعودية منذ 2014، تبدو عمليات القتل الموثّقة في هذا التقرير بأنها تصعيد متعمد في عدد حوادث القتل المستهدِف وطريقتها. يُظهر هذا التقرير تغيّر نمط الانتهاكات من ممارسة يبدو أن تشمل إطلاق النار من حين إلى آخر والاعتقالات الجماعية إلى قتل منهجي وواسع النطاق. من شأن أعمال القتل هذه أن تشكل جرائم ضد الإنسانية إذا كانت واسعة النطاق، ومنهجية، وجزءا من سياسة الدولة المتمثلة في القتل العمد بحق سكان مدنيين.
وصف مهاجرون وطالبو لجوء الانتهاكات التالية أثناء محاولتهم العبور إلى السعودية.
هجمات بالأسلحة المتفجرة
وصف أشخاص يسافرون في مجموعات، من أربعة إلى خمسة أشخاص وحتى عدة مئات، تعرضهم لهجوم بقذائف الهاون والأسلحة المتفجرة الأخرى من قبل حرس الحدود السعودي بمجرد عبورهم الحدود من اليمن إلى السعودية. في المجموع، وصف من قابلتهم هيومن رايتس ووتش 28 حادثة شملت استخدام أسلحة متفجرة. بعد مغادرة المخيمات قرب الحدود، كان المهاجرون يقتربون من الحدود أو يعبرونها، غالبا عبر عدة محاولات على مدى أشهر بعد "صدّهم" من قبل حرس الحدود السعودي. روى الذين تمت مقابلتهم أنهم رأوا حرس الحدود السعودي، ومواقع لحرس الحدود، وكاميرات مراقبة، وحاولوا تفادي الكشف، مثلا بالعبور أثناء صلاة الفجر. حدّدت هيومن رايتس ووتش ما يبدو أنها مواقع لحرس الحدود من صور بالأقمار صناعية بما يتفق مع هذه الروايات.
واجه الأشخاص الذين تمت مقابلتهم قوات الحوثيين في المخيمات وأثناء سيرهم إليها، لكنهم وصفوا باستمرار تعرّضهم للهجوم من قبل حرس الحدود السعودي، واصفين غالبا زيّهم العسكري ومشيرين إلى آثار الأسلحة المتفجرة بأنها "كالقنبلة"، وإطلاق قذائف الهاون أو الصواريخ من "مؤخرة السيارات". استمرت الهجمات أحيانا لساعات أو حتى أيام.
بمجرد توقف الهجمات، كان حرس الحدود السعودي يتجهون نحو الناجين، الذين تحتجزهم السلطات السعودية، أحيانا لشهور، في مراكز احتجاز سعودية. وصفوا جميعا مشاهد رعب: نساء، ورجال، وأطفال متناثرون في أنحاء المنطقة الجبلية ومصابون بجروح بالغة، أو مشوهون، أو كانوا قد ماتوا. وصف العديد ممن قالوا إنهم تمكنوا من الفرار الشعور بالذنب لعدم تمكنهم من نقل الضحايا إلى بر الأمان، غالبا بعد تعرضهم هم أيضا لإصابات خطيرة.
حلّل أعضاء "الفريق المستقل لخبراء الطب الشرعي" التابع لـ "المجلس الدولي لإعادة تأهيل ضحايا التعذيب"، وهو مجموعة دولية من خبراء الطب الشرعي البارزين، الفيديوهات والصور التي جُمعت من مواقع التواصل الاجتماعي أو أُرسلت مباشرة إلى هيومن رايتس ووتش والتي تُظهر مهاجرين مصابين أو متوفين لتحديد أسباب إصاباتهم. خلص أعضاء الفريق إلى أن بعض الإصابات أظهرت "أنماطا واضحة تتفق مع انفجار ذخائر قادرة على إنتاج الحرارة والتشظي"، بينما أظهرت إصابات أخرى "خصائص تتفق مع جروح الطلقات النارية"، وفي حالة واحدة، كانت "الحروق مرئية".
مجموعات العبور الكبيرة والوفيات
قابلت هيومن رايتس ووتش 23 شخصا حاولوا العبور إلى السعودية ضمن مجموعات كبيرة تعرضت لإطلاق نار من أسلحة متفجرة. منهم شخص شاهد مجموعة أخرى تتعرض لإطلاق النار في اليوم السابق لمحاولته العبور، ليصل الإجمالي إلى 24 حادثة تشمل مجموعة كبيرة. تُشير التواريخ وأحجام المجموعات إلى أنها كانت جميعها حوادث منفصلة. بالمجموع، قُدّر أن 3,442 شخصا شاركوا في مجموعات العبور الكبيرة. قَدّر 10 من الأشخاص الذين تمت مقابلتهم أنه في 11 محاولة عبور مع ما مجموعه 1,278 مهاجرا، شهدوا أو قدّروا مقتل 655 شخصا على الأقل. في إحدى هذه الحوادث، شرح أحد الناجين ما حصل لمجموعته المكونة من 170 شخصا: "أعرف أن 90 شخصا قد قُتلوا، لأن البعض عادوا إلى ذلك المكان لجمع الجثث – أحصوا حوالي 90 جثة".
بالنسبة إلى تسع مجموعات عبور كبيرة أخرى، تضم حوالي 1,630 شخصا، رأى الأشخاص الذين تمت مقابلتهم أشخاصا يموتون من حولهم، لكنهم لم يستطيعوا تقدير عدد الوفيات لأنهم كانوا غالبا منشغلين بالفرار أو مصدومين بشدة، لكنهم ذكروا عدد الأشخاص الذين عادوا إلى المخيمات. في هذه الحالات التسع، من أصل 1,630 مهاجرا، روى الأشخاص الذين تمت مقابلتهم أن 281 شخصا قد نجوا. مثلا، قال أحد الأشخاص الذين تمت مقابلته: "من أصل 150، نجا سبعة أشخاص فقط يومها... كانت هناك رفات أشخاص في كل مكان، مبعثرة في كل مكان". شخص آخر ممن تمت مقابلتهم ذهب إلى الحدود السعودية لأخذ جثة فتاة من قريته وقال: "كانت جثتها مكدسة فوق 20 جثة" موضحا أنه "يستحيل إحصاء العدد. الأمر يفوق الخيال. يذهب الناس في مجموعات مختلفة يوما بعد يوم. الجثث موجودة هناك". بالنسبة لمجموعات العبور الكبيرة الأربع المتبقية التي تعرضت لإطلاق نار من أسلحة ثقيلة، لم يستطع من تمت مقابلتهم تقدير عدد القتلى أو الناجين المعروفين.
هذا يعني أن حرس الحدود السعودي قتلوا مئات، وربما آلاف، المهاجرين وطالبي اللجوء الإثيوبيين.
مجموعات العبور الصغيرة
بينما أطلق حرس الحدود السعودي أسلحة متفجرة على أربع مجموعات عبور صغيرة تضم 10 أشخاص أو أقل، قال الذين تمت مقابلتهم إنهم لم يشهدوا وقوع أي وفيات.
إطلاق نار من مسافة قريبة
قال أشخاص تحركوا في مجموعات أصغر أو بمفردهم إنه بمجرد عبورهم الحدود اليمنيّة-السعودية، كانوا يرون حرس الحدود السعودي إما على مسافة بعيدة في مركبات دورية أو أحيانا من مسافة قريبة يحملون بنادق. قال كثيرون إن حرس الحدود أطلقوا النار عليهم فورا أو سمحوا لهم بالاقتراب أكثر من الأراضي السعودية، وسألوهم عن وجهتهم، ثم أطلقوا النار عليهم. روى أشخاص تمت مقابلتهم أن حرس الحدود المسلحين كانوا يعتقلونهم ويسألونهم في أي طرف من أجسادهم يُفضّلون إطلاق النار عليهم ثم أطلق حرس الحدود النار على هذا الطرف. كما روى أشخاص أن حرس الحدود ضربوهم بالحجارة والقضبان المعدنية.
تتجاوز انتهاكات حرس الحدود السعودي إطلاق الأسلحة المتفجرة وإطلاق النار على المهاجرين من مسافة قريبة. قال بعض المهاجرين إنه بعد انتهاء هجوم بالأسلحة المتفجرة، نزل حرس الحدود السعودي من موقعهم وضربوا الناجين. وصف صبي عمره 17 عاما كيف أجبره حرس الحدود السعودي هو وناجين آخرين على اغتصاب فتاتين ناجيتين بعدما أعدم الحراس ناجيا آخر رفض ذلك.
عواقب الهجمات
قابلت هيومن رايتس ووتش أشخاص عدة فقدوا طرفا أو أكثر نتيجة الأسلحة المتفجرة أو إطلاق نار على الحدود وما يزالون عالقين في اليمن في ظل رعاية صحية وموارد محدودة أو منعدمة للمغادرة. وصف الناس غياب العلاج الطبي في مخيمي الثابت والرّقو وقرية الغار، حيث يعود الناجون عادة بعد الهجوم. وصل البعض إلى مستشفيات صعدة في حين وصلت حالات أخرى أكثر خطورة إلى صنعاء. في العادة، كان أصدقاء الضحايا وأقاربهم بجمع الأموال لمساعدة المهاجرين في الحصول على الرعاية الطبية.
تُقدّر هيومن رايتس ووتش أنه منذ بدء تحقيقاتها في يناير/كانون الثاني 2023، قُتل على الأقل مئات المهاجرين الإثيوبيين على الحدود مع السعودية.
لم تعد هناك آلية دولية مكلّفة بمراقبة انتهاكات الحقوق في اليمن، منها الانتهاكات ضد المهاجرين، منذ حلّ "فريق خبراء الأمم المتحدة البارزين" الذي كلّف به "مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان" في 2021 بعد الضغط على الدول الأعضاء في المجلس من السعودية والإمارات. تواصل منظمات المجتمع المدني اليمنيّة، والإقليمية، والدولية، ومنها هيومن رايتس ووتش، دعوة الدول الأعضاء في "الأمم المتحدة" إلى سد هذه الفجوة بآلية تهدف إلى مراقبة أوضاع حقوق الإنسان في اليمن، والتحقيق في الانتهاكات بهدف إرساء أسس المساءلة والإنصاف.
تُمثّل المفاوضات من أجل هدنة جديدة في اليمن فرصة لتضمين تدابير المساءلة والإنصاف الضرورية لمعالجة الأضرار المرتكبة ضد اليمنيين، وكذلك المهاجرين الإثيوبيين في البلاد وغيرهم. من الضروري أن تشمل المناقشات بشكل هادف جميع أصحاب المصلحة، ومنهم المجتمع المدني اليمني. حتى الآن، ما تزال المحادثات بين الأطراف المتحاربة، لا سيما بين السعودية وجماعة الحوثيين المسلحة، تجري في السرّ إلى حد كبير دون مشاركة أطراف من المجتمع المدني اليمني.
بينما يُركّز هذا التقرير على الانتهاكات الواسعة النطاق والمنهجية التي يرتكبها حرس الحدود السعودي، تُشير هيومن رايتس ووتش إلى دور الحوثيين الكبير في ارتكاب الانتهاكات ضد المهاجرين على طول درب الهجرة هذا. إن دور قوات الحوثيين في تنسيق الأمن وتسهيل وصول المُهرِّبين والمهاجرين إلى الحدود في محافظة صعدة، إلى جانب ممارستها التي تشمل احتجاز المهاجرين وابتزازهم، يرقى إلى مستوى التعذيب، والاحتجاز التعسفي، والاتجار بالبشر.
في السنوات الأخيرة، استثمرت السعودية بشكل كبير في صرف الانتباه عن سجلها الحقوقي المزري في الداخل والخارج، فأنفقت مليارات الدولارات لاستضافة أحداث ترفيهية، وثقافية، ورياضية كبرى. منها سباق الجائزة الكبرى "فورمولا 1" للسيارات الرياضية، ومباريات ملاكمة عالمية للوزن الثقيل، وشراء فريق "نيوكاسل يونايتد" في "الدوري الإنغليزي الممتاز" لكرة القدم، وإنشاء دوري "ليف غولف"، والذي أعلن مؤخرا عن اندماجه مع دوري "رابطة لاعبي الغولف المحترفين". كما أنفقت في 2023 مئات ملايين الدولارات على تعاقد "الدوري السعودي للمحترفين" مع نجوم عالميين في كرة قدم مثل كريستيانو رونالدو، وكريم بنزيمة، وساديو ماني.
التوصيات
ينبغي للسعودية أن تلغي فورا وبسرعة أي سياسة، سواء كانت صريحة أو بحكم الأمر الواقع، للاستخدام المتعمد للقوة القاتلة ضد المهاجرين وطالبي اللجوء، بما يشمل استهدافهم بالأسلحة المتفجرة والهجمات من نطاق قريب، والتحقيق بسرعة في أفعال عناصر الأمن المسؤولين عن الانتهاكات وتأديبهم أو ملاحقتهم قضائيا، بما يشمل أعمال القتل غير المشروع، والجرح، والتعذيب على الحدود اليمنيّة.
ينبغي للحكومات المعنيّة دعوة السعودية علنا إلى إنهاء أي سياسة، سواء كانت صريحة أو بحكم الأمر الواقع، لاستهداف المهاجرين بأسلحة متفجرة وهجمات من مسافة قريبة على الحدود مع اليمن والضغط من أجل محاسبة أي مسؤولين سعوديين كبار تأكّد تورطهم في عمليات القتل الجماعي المستمرة بحق المهاجرين وطالبي اللجوء. في غضون ذلك، ينبغي للحكومات المعنيّة فرض عقوبات على المسؤولين السعوديين والحوثيين الضالعين بشكل موثوق في الانتهاكات المستمرة على الحدود، والتي تشمل تسهيل وصول المُهرِّبين إلى الحدود، واحتجاز المهاجرين وابتزازهم.
نظرا إلى خطورة الانتهاكات الواردة في هذا التقرير، ينبغي فتح تحقيق مدعوم من الأمم المتحدة في أعمال القتل والانتهاكات ضد المهاجرين وطالبي اللجوء على الحدود اليمنيّة-السعودية، منها تلك الموثّقة في هذا التقرير.
تدعو هيومن رايتس ووتش المنظمين والمشاركين في الأحداث الدولية الكبرى التي ترعاها الحكومة السعودية إلى التحدث علنا عن قضايا حقوقية، أو عدم المشاركة عندما يكون الهدف الأساسي غسل السجل الحقوقي السعودي.
لسنوات عدة، كانت السعودية إحدى أكبر مستوردي الأسلحة في العالم. ينبغي للحكومات المعنيّة وقف أي عمليات نقل للأسلحة والمعدات العسكرية الأخرى إلى السعودية، بما يشمل اتفاقيات الأسلحة، والتدريب، والصيانة، ووقف أي تدريب وتعاون عسكري مع وحدات حرس الحدود السعودي.
قائمة المصطلحات
طالب اللجوء: هو شخص يأمل في الحصول على ملاذ في بلد آخر. إذا وصل لاجئ إلى بلد ما وطلب اللجوء رسميا – وهو حق البقاء في البلد لتجنب إعادته إلى الخطر في وطنه – يظل هذا الشخص طالب لجوء بانتظار قرار بشأن قضيته.
الجرائم ضد الإنسانية: هي جرائم معينة (مثل القتل، أو التعذيب، أو الترحيل، أو الفصل العنصري) يرتكبها أفراد من القوات الحكومية أو جماعة مسلحة غير تابعة للدولة، وتُرتكب عمدا كجزء من هجوم منهجي أو واسع النطاق على مجموعة معينة من السكان المدنيين. الهجوم واسع النطاق قد يعني هجمات عديدة أو هجوم كبير واحد. يعني الهجوم المنهجي أن منفذي الهجوم قد خططوا له جيدا.
الاستخدام المفرط للقوة: يحدث الاستخدام المفرط للقوة عندما تستخدم السلطات قدرا أكبر من القوة المعقولة اللازمة.
القتل خارج نطاق القانون: القتل خارج نطاق القانون هو قتل الشخص عمدا على يد السلطات الحكومية أو وكلائها دون محاكمة أو أي أساس قانوني آخر – أي خارج نطاق حماية القانون.
تحديد الموقع الجغرافي: ربط جزء من المعلومات المرئية بموقع التقاطها الأصلي باستخدام إشارات مرئية في الصورة أو الصور. منها مثلا مطابقة معالم فريدة في صورة أو فيديو مع موقعها الدقيق على صورة القمر الصناعي.
العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية: هو معاهدة متعددة الأطراف تُلزم الدول الأطراف باحترام الحقوق المدنية والسياسية للأفراد، منها الحق في الحياة، وحظر التعذيب، وعدم التعرّض للاحتجاز التعسفي، وحرية الدين، وحرية التعبير، وحرية التجمع، والحقوق الانتخابية، والحق في الإجراءات الواجبة والمحاكمة العادلة.
المهاجر: هو الشخص الذي ينتقل، إما سيرا على الأقدام أو بوسائل نقل أخرى، من بلده الأصلي إلى بلد ثانوي، أحيانا عبر دولة واحدة أو أكثر قبل الوصول إلى الوجهة النهائية. من أسباب الهجرة، على سبيل المثال لا الحصر، الأسباب الاقتصادية، والفقر، وغياب القانون، والكوارث البيئية. يمكن أن يكون المهاجر شخصا يعتزم طلب اللجوء في بلد الوصول النهائي.
عمليات الصد: هي عمليات طرد جماعي، تمنع وصول الأشخاص إلى منطقة معينة، أو دخولها، أو البقاء فيها، وعادة بتوفير إجراءات موجزة أو عدم فحص طلبات اللجوء أو احتياجات الحماية الأخرى. تنتهك عمليات الصد الحق في الإجراءات الواجبة المنصوص عليها في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ومبدأ عدم الإعادة القسرية في القانون الدولي العرفي.
اللاجئ: بشكل عام، اللاجئ هو الشخص الذي أُجبر على الفرار من بلده بسبب الاضطهاد، أو الحرب، أو العنف. بموجب الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين لعام 1951، اللاجئ هو شخص لا يستطيع أو لا يريد العودة إلى بلده بسبب خوف مبرر من الاضطهاد بسبب عرقه، أو دينه، أو جنسيته، أو آرائه السياسية. بموجب القانون الدولي العرفي، يُحظر على الحكومات إعادة اللاجئين قسرا إلى بلدانهم الأصلية إذا كان ذلك سيعرضهم للخطر.
التهريب: في هذا التقرير، يُعرَّف التهريب على أنه النقل غير المشروع للأشخاص عبر حدود دولية، في انتهاك للقوانين السارية أو اللوائح الأخرى، مقابل منفعة مالية أو مادية أخرى. هناك ثلاثة اختلافات أساسية بين التهريب والاتجار كما هو موضح أدناه. الموافقة: الشخص المُهرّب يوافق على نقله من مكان إلى آخر. أما ضحايا الاتجار بالبشر فهم إما لم يوافقوا على نقلهم أو، إذا كانوا قد وافقوا، فقد تعرّضوا للخداع بوعود كاذبة للموافقة، ثم يتعرّضون للاستغلال. الاستغلال: ينتهي التهريب عند الوصول إلى الوجهة المختارة، حيث يفترق المُهرِّب والمّهرَّب. في المقابل، يستغل المتاجرون ضحاياهم عند الوصول إلى الوجهة النهائية و/أو أثناء الرحلة. عبور الحدود: ينطوي التهريب دائما على عبور حدود دولية، بينما يحدث الاتجار سواء نُقل الضحايا إلى بلد آخر أو نُقلوا داخل حدود البلد.
الاتجار: يُعرّف "بروتوكول الأمم المتحدة لمنع، وقمع، ومعاقبة الاتجار بالأشخاص، وبخاصة النساء والأطفال" الاتجار على أنه تجنيد أشخاص، أو نقلهم، أو تنقيلهم، أو إيواؤهم، أو استقبالهم بواسطة "التهديد بالقوة أو استعمالها أو غير ذلك من أشكال القسر... أو بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص له سيطرة على شخص آخر لغرض الاستغلال".
المنهجية
يستند هذا التقرير إلى مقابلات مع 38 مهاجرا وطالب لجوء إثيوبي حاولوا عبور الحدود اليمنيّة-السعودية بين مارس/آذار 2022 ويونيو/حزيران 2023، وأربعة أقارب أو أصدقاء لمهاجرين وطالبي لجوء إثيوبيين حاولوا العبور خلال الفترة نفسها. كما حلّلت هيومن رايتس ووتش أكثر من 350 فيديو وصورة على مواقع التواصل الاجتماعي أو من مصادر أخرى صُوّرت بين 12 مايو/أيار 2021 و18 يوليو/تموز 2023، وعدة مئات من الكيلومترات المربعة من صور الأقمار الصناعية. 32 من الذين تمت مقابلتهم هم ذكور، و10 إناث، وثلاثة أطفال. أُجريت جميع المقابلات الـ 42 بين يناير/كانون الثاني ويونيو/حزيران 2023.
قابلت هيومن رايتس ووتش مهاجرين وطالبي لجوء إثيوبيين في اليمن عبر الهاتف. كان معظمهم في محافظتَي صعدة وصنعاء في اليمن.
كما قابلت هيومن رايتس ووتش أطرافا تابعين لجهات إنسانية، ومنظمات غير حكومية، وأعضاء من المجتمع المدني في اليمن.
أجريت المقابلات في أماكن خاصة – إما بشكل فردي تماما أو مع أقارب الذين تمت مقابلتهم – مع ضمانات السرية. أبلغت الباحثة جميع من قابلتهم بالغرض من المقابلات وطبيعتها الطوعية، والطرق التي ستستخدم بها هيومن رايتس ووتش المعلومات. أُبلغ الجميع أن بإمكانهم رفض إجابة أي أسئلة أو إنهاء المقابلة في أي وقت. أخبرت الباحثة الأشخاص الذين قابلتهم أنهم لن يتلقوا أي أجر، أو خدمة، أو منفعة شخصية أخرى مقابل المقابلات. استعانت الباحثة في هذا المشروع بمترجم فوري إثيوبي وأُجريت المقابلات باللغتين الأمهرية والأورومو.
تحقّق باحثو الجغرافيا المكانية والمصادر المفتوحة في "مختبر التحقيقات الرقمية" التابع لـ هيومن رايتس ووتش من مقاطع الفيديو والصور التي سجّلها مهاجرون ومقيمون على الحدود وشاركوها مباشرة مع هيومن رايتس ووتش وعلى حسابات أشخاص آخرين في مواقع التواصل الاجتماعي. قاطعت هيومن رايتس ووتش 29 فيديو مع صور الأقمار الصناعية لرسم خرائط لأجزاء من درب يُستخدم لعبور الحدود اليمنيّة-السعودية. حدّدنا مواقع محتملة لحرس الحدود السعودي قرب الدرب قد تكون مسؤولة عن إطلاق النار على المهاجرين. تحققنا من مقطعَي فيديو يُظهران على الأقل ثلاثة مهاجرين قتلى أو مصابين بجروح خطيرة داخل الأراضي السعودية.
جُمعت صور الأقمار الصناعية التي تغطي مئات الكيلومترات المربعة، والتي حلّلتها هيومن رايتس ووتش، بين فبراير/شباط 2022 ويونيو/حزيران 2023. منها أكثر من 50 كيلومتر من الحدود وهي ممتدة بين مخيم الرقو وقرية الغار، ما سمح لنا بتقييم تطور البنية التحتية الأمنية هناك، وتحديد مواقع الدفن قرب مخيمات المهاجرين التي توسعت كثيرا منذ بداية 2022.
استخدم أعضاء الفريق المستقل لخبراء الطب الشرعي، وهي مجموعة دولية مؤلفة من 42 خبيرا جنائيا متميزا يُنسّقها المجلس الدولي لإعادة تأهيل ضحايا التعذيب، 22 مقطع فيديو وصورة جمعتها هيومن رايتس ووتش من مواقع التواصل الاجتماعي أو أُرسلت مباشرة إليها تُظهر مهاجرين مصابين أو قتلى لتفسير الأسباب المحتملة للإصابات.
لحماية السرية، استُخدمت أسماء مستعارة لجميع من تمت مقابلتهم.
كتبت هيومن رايتس ووتش إلى "وزارة الداخلية" ، و"وزارة الدفاع"، و"لجنة حقوق الإنسان" السعودية، و"وزارة حقوق الإنسان" التابعة لأنصار الله.
ردت السلطات الحوثية على رسالتنا في 19 أغسطس/آب 2023.
رحلة خطرة إلى الحدود
دفعت مجموعة من العوامل، منها الفقر، والجفاف، والنزاع، والانتهاكات الحقوقية الجسيمة مئات آلاف الإثيوبيين إلى مغادرة بلادهم والهجرة خلال العقد الماضي. وجد تقرير أصدرته "المنظمة الدولية للهجرة" في 2020 أن الهجرة من إثيوبيا إلى السعودية تتّسم بطابع جندري بشكل كبير. تُشكّل النساء والفتيات غالبية الهجرات الموثّقة، بسبب ارتفاع الطلب على عاملات المنازل في السعودية، بينما شكّل الرجال غالبية الهجرات غير الموثّقة.[1] إلا أن التقرير توصّل إلى ارتفاع نسبة النساء والفتيات اللواتي يسافرن عبر هذا الممر في السنوات الأخيرة.
سافر معظم الإثيوبيين بالقوارب عبر خليج عدن ثم برا عبر اليمن إلى السعودية، الوجهة النهائية. يُعرف درب الهجرة الخطير هذا باسم "الدرب الشرقي" أو أحيانا "الدرب اليمني". وثّقت هيومن رايتس ووتش سابقا قيام شبكة من المهربين، والمتاجرين بالبشر، والسلطات في اليمن باختطاف، واحتجاز، وضرب المهاجرين الإثيوبيين وابتزازهم أو عائلاتهم مقابل المال.[2] يعبر المهاجرون الحدود بشكل غير قانوني إلى السعودية، عادة عبر المنطقة الحدودية الجبلية الفاصلة بين محافظة صعدة اليمنيّة ومنطقة جازان السعودية. هناك دليل على استخدام الألغام الأرضية على جانبَيْ الحدود ويحتمل استمرار وجود مناطق ملغومة فيها.[3] رصدت "مصفوفة تتبّع النزوح" التابعة للمنظمة الدولية للهجرة – التي ترصد وصول المهاجرين إلى اليمن – وصول حوالي 73 ألف مهاجر في 2022،[4] بينما في 2023، حتى 31 يوليو/تموز، وصل أكثر من 86,630.[5] في 2022، أفادت مصفوفة تتبّع النزوح أن النساء والفتيات شكلّن 24% من مجموع المهاجرين الواصلين إلى اليمن و11% كانوا أطفالا.[6]
بشكل عام، قال الذين تمت مقابلتهم إن المُهرِّبين لم يتواصلوا معهم شخصيا داخل إثيوبيا ووجهوا كل الرحلة عن بعد عبر مكالمات هاتفية حتى وصل المهاجرون إلى جيبوتي.[7] في حالات قليلة، ذهب المهاجرون إلى نقاط ساخنة معروفة للقاء المُهرِّبين. قالت حمدية (14 عاما)، وهي من هرارغي في أوروميا، إنها غادرت إثيوبيا بسبب مشاكل مالية، وشرحت كيف تواصلت مع المُهرِّبين:
ذهبنا إلى دير داوا [مدينة تابعة للإدارة الفيدرالية في شرق إثيوبيا قرب الحدود الإقليمية بين أوروميا والصومال] ووقفنا في جوار البوابة ليرى المُهرِّبون أننا فقراء من ملابسنا. جاؤوا إلينا وسألونا إذا كنا نريد الذهاب إلى السعودية... أخذونا بالسيارة إلى جيبوتي.[8]
استخدم الذين تمت مقابلتهم غالبا مُهرِّبين للرحلة كاملة من ديارهم في إثيوبيا إلى الحدود الشمالية لليمن. دفع المهاجرون عموما مقابل رحلتهم على أجزاء: 1) من إثيوبيا إلى جيبوتي، 2) من جيبوتي إلى عدن بالقوارب عبر خليج عدن، 3) من عدن إلى صعدة، و4) من مخيم للمهاجرين في محافظة صعدة إلى الحدود. لم يتمكن بعض الذين تمت مقابلتهم من تغطية تكاليف الرحلة بأكملها بمساعدة المُهرِّبين وتنقلوا عبر أجزاء من الرحلة – خاصة في حالة واحدة في اليمن – بمفردهم.
وصف الذين تمت مقابلتهم خوض رحلات هددت حياتهم[9] استغرقت ما يصل إلى ثلاثة أيام من جيبوتي إلى اليمن عبر خليج عدن، كان في معظمها الحالات في قوارب مزدحمة، دون طعام أو ماء. وصف العديد ممن تمت مقابلتهم سوء المعاملة والانتهاكات كالضرب من قبل المُهرِّبين أو المتاجرين بالبشر طوال درب الهجرة. قال العديد ممن تمت مقابلتهم إن المتاجرين اعتدوا عليهم جسديا لابتزاز مدفوعات من أقاربهم أو معارفهم في إثيوبيا أو السعودية على طول نقاط مختلفة على الدرب. وصف ياماني، وهو شاب فرّ من دياره في الرايا جنوب تيغراي بسبب النزاع المسلح في شمال إثيوبيا،[10] كيف أخذه المُهرِّبون عند وصوله إلى اليمن إلى منزل وضربوه، واحتجزوه طلبا للفدية:
يُسجّلك المُهرِّبون، وعند عبور البحر، دائما يعيّنون لك مُهرِّب. في إثيوبيا عندما تتواصل [عبر الهاتف] مع المُهرِّب، يعطونك رمزا وفي اليمن تعطي الرمز [للمُهرِّب اليمني]. يسألونك، "من هو مالكك؟" أخذوني [المُهرِّبون اليمنيّون] بالسيارة إلى مكان ما حول عدن. كان هناك منزل، ووضعوني بداخله. كان هناك تعذيب في المنزل. بدأوا يضربونني. اتصلت فورا بأسرتي في السعودية، وحولّوا لي المال. غادرتُ [المنزل] بعد أربعة أيام.[11]
وصل ياماني في النهاية بمساعدة المُهرِّبين إلى مخيم الرّقو في صعدة.
قالت حمدية (14 عاما)، إن المُهرِّبين الإثيوبيين في جيبوتي طالبوها بالمال قبل العبور بالقارب:
طلب منا المُهرِّبون في جيبوتي دفع أجرة عبور البحر بالقارب. لم يكن معي نقود – غادرت المنزل على أمل كسب المال. لكنهم [المُهرِّبون] طلبوا مني دفع ألفي بير إثيوبي [37 دولار] وأبقوني [في جيبوتي] لأسبوع وضربوني يوميا ولم يعطوني أي طعام. قالوا [المُهرِّبون] إن لم تدفعي [لنا] سنستمر بضربك. في اليوم الثامن عرفوا أنني لا أستطيع الدفع فأطلقوا سراحي. [12]
قابلت هيومن رايتس ووتش فتاتين وثماني نساء لهذا التقرير. قالت عدة نساء تمت مقابلتهن إن المُهرِّبين والمهاجرين الآخرين اعتدوا جنسيا عليهن أو على مهاجرات أخريات على طول درب التهريب. ثلاث من النساء والفتيات الـ 10 اللواتي تمت مقابلتهن لهذا التقرير اغتُصبن من قبل مُهرِّبين أو مهاجرين آخرين؛ حملت اثنتان نتيجة لذلك. وصفت دَهَبو (20 عاما)، وهي امرأة من أوروميا في إثيوبيا تركت ديارها بحثا عن فرص عمل أفضل في السعودية، معاناتها، قائلة: "أنا حامل من مُهرِّب اغتصبني. أنا في أزمة نفسية بسبب ذلك".[13]
قال باتي (25 عاما)، وهو رجل من هرارغي، لـ هيومن رايتس ووتش: "أخذ المهربون فدية منا وضربونا واتصلوا بعائلاتنا [يطالبون بالنقود]. كانوا يأخذون النساء إلى الخارج بشكل منفصل، ويفعلون معهن ما يريدون".[14]
مخيمات المهاجرين قرب الحدود بين اليمن والسعودية
قال مهاجرون لـ هيومن رايتس ووتش إنهم سافروا إلى "مخيمَين" رئيسيين للمهاجرين على طول الحدود اليمنيّة-السعودية في محافظة صعدة في شمال اليمن. [15] لطالما كانت صعدة مركزا للمهاجرين الوافدين الذين يحاولون الوصول إلى السعودية. [16] قال مهاجرون إن المُهرِّبين عموما أخذوا المهاجرين الأورومو إلى منطقة تسمى الثابت في شمال غرب اليمن، ونُقل المهاجرون التيغرانيون والإثيوبيون من إثنيات أخرى إلى الرّقو. حتى عندما لا يأخذ المُهرِّبون مهاجرين في رحلتهم إلى الحدود، يختار المهاجرون عادة الذهاب إلى مخيمات المهاجرين وفقا لهذا التقسيم الإثني. أوضح الذين تمت مقابلتهم إن المخيمات مقسمة بهذه الطريقة لأسباب لغوية.
مخيم الثابت للمهاجرين
يقع الثابت على بعد حوالي 70 كيلومتر شمال غرب صعدة وحوالي 4 كيلومتر شرق الحدود اليمنيّة-السعودية على مجرى نهر (وادي) مُعرض للفيضانات المفاجئة. تُظهر صور الأقمار الصناعية أن المخيم بدأ يكبر منذ نهاية يونيو/حزيران 2022، واتّسع بسرعة من يوليو/تموز 2022 إلى مارس/آذار 2023، حتى تفكيكه إلى حد كبير في أوائل أبريل/نيسان 2023.
وصف أشخاص تمت مقابلتهم وأقاموا في الثابت أنها مستوطنة غير رسمية عشوائية مكتظة مليئة بخيام وأكواخ بدائية ومحاطة بسياج شبكي.[17] حمزة (19 عاما)، وهو رجل من غرب هرارغي في أوروميا في إثيوبيا، وصف المكان بأنه "مثل معتقل في الهواء الطلق":
توجد بعض الأكواخ المصنوعة من أغطية بلاستيكية... وفيها مُجمّع مبني بالأسلاك، لا يمكنك الخروج منه.... هناك مئات آلاف المهاجرين. بمجرد دخولك لا يمكنك الخروج. يوجد حراس هناك، والحوثيون يحرسون تلك المنطقة. الحوثيون يسجلون كل شخص [يدخل]. هناك دائما تسجيل مستمر. بمجرد أن تعطي دفعة للحراس، يأتي المُهرِّبون ويأخذونك إلى الحدود. وإلا لن تتمكن من الخروج من الثابت. أحيانا يمكنك العودة إلى اليمن، لكن لا يمكنك الذهاب بمفردك إلى الحدود.... [18]
قال تَيّا (26 عاما)، وهو رجل من هرارغي في أوروميا، إنه فرّ من الجفاف في صيف 2022 بحثا عن حياة أفضل في السعودية. وأكّد وجود الحوثيين في الثابت وشرح كيف عملوا مع المُهرِّبين لفرض السيطرة على المنطقة:
للدخول إلى الثابت، تدفع للمُهرِّبين. بمجرد دخولك إلى [الثابت] لا يمكنك المغادرة. لدى الحوثيين قائمة بأسماء من دفعوا ومن لم يدفعوا. تتواجد قوات الحوثيين في كل مكان ويعملون مع المُهرِّبين. [19]
قال لينشو (26 عاما)، وهو رجل من أرسي في أوروميا حاول عبور الحدود من الثابت، إن قوات الحوثيين تنقل المهاجرين غالبا من المخيمات إلى ما أسموه "مراكز الاحتجاز" في صعدة إذا لم يدفعوا أجرة المُهرِّب. تعرّف المهاجرون على قوات الحوثيين من الزي العسكري الأخضر الذي كانوا يرتدونه والأسلحة التي كانوا يحملونها. وصف لينشو معاملتهم السيئة وأكّد أن لديهم قائمة بالمهاجرين الذين دفعوا رسوم التهريب.
كنت في الثابت في ذلك الوقت وأخذوني [قوات الحوثيين] قبل سبعة أشهر [سبتمبر/أيلول 2022] إلى أكبر مركز احتجاز في صعدة واحتجزوني هناك ثلاثة أشهر... لم أستطع الدفع لذا نقلوني هناك. يوجد في الثابت الكثير من قوات الحوثيين. يقولون إنهم يحمون البلاد، لكنهم يستغلون المهاجرين ويأخذون المال منا.[20]
تلقّت هيومن رايتس ووتش وحددت الموقع الجغرافي لصورة وفيديو من مركز يديره الحوثيون في الأطراف الجنوبية الغربية لصعدة يُظهران عشرات الرجال والصِبية المهاجرين في غرفة ضيقة ينامون ويجلسون على بطانيات. يُظهر فيديو سُجّل خارج الجانب الشمالي من المبنى الرئيسي رجلا مهاجرا مصابا بجرحين مفتوحين في الجانب الأيسر من أسفل ظهره وأردافه يتفقان مع آثار طلقات نارية أو جروح شظايا متفجرة، وفقا لأخصائي في الفريق المستقل لخبراء الطب الشرعي.
تحققت هيومن رايتس ووتش من 16 مقطع فيديو تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي، منها بث مباشر على "فيسبوك"، تظهر فيها مجموعة كبيرة من المهاجرين يغادرون المخيم ويتحركون عبر ممر إلى الشمال في 4 أبريل/نيسان 2023.
الرّقو
يقع مخيم الرّقو على بعد 17 كيلومتر جنوب مخيم الثابت، شرق الحدود اليمنيّة السعودية مباشرة على ضفة مرتفعة من مجرى النهر الذي يُمثّل الحدود.
وصف مهاجرون الرّقو بأنها منطقة شبيهة بالقرية يُقيم فيها آلاف المهاجرين في خيام أثناء استعدادهم لعبور الحدود. بِرهي (18 عاما)، وهو شاب من الرايا في جنوب تيغراي، فرّ من النزاع هناك في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، وصف الرّقو:
يعيش هناك 50 ألف شخص على الأقل. العدد الأكبر [من الناس] هم المهاجرون... ينام المهاجرون في خيام... هناك مُهرِّبون ويمنيّون أيضا يعملون هناك ويعتمدون على المهاجرين. [21]
قال الذين تمت مقابلتهم لـ هيومن رايتس ووتش إن المُهرِّبين أخذوهم إلى مديرية مُنبّه في صعدة أولا قبل دخولهم الرّقو. وصف هابين (29 عاما)، وهو رجل من تيغراي، العملية في مُنبّه:
للذهاب إلى الرّقو عليك أن تدفع في مُنبّه... يوجد مركز احتجاز في مُنبّه لاحتجاز المهاجرين الذين لا يستطيعون الدفع. يُسيطر الحوثيون على أمن [مركز الاحتجاز]. يرتدون زي الحرس الحوثي. ويعملون مع المُهرِّبين. [22]
حلّلت هيومن رايتس ووتش تسع صور التُقطت في أواخر مايو/أيار وأوائل يونيو/حزيران 2023 مُرسلة من منشأة في مُنبّه أكت أطراف ثالثة أن المُهرِّبين يستخدمونها لاحتجاز المهاجرين قبل السفر إلى الرّقو. تُظهر الصور عشرات المهاجرين متزاحمين قرب خيام برتقالية داخل مُجمّع مُسيّج. باستخدام هذه الصور وصور الأقمار الصناعية، حدّدت هيومن رايتس ووتش منشأة في مُنبّه على بعد 13.8 كيلومتر جنوب شرق الرّقو تتطابق مع وصف "مركز الاحتجاز" الذي قدّمه هابين.
تُظهر صور الأقمار الصناعية للمخيم ازدياد عدد الخيام في المجمع من مايو/أيار 2022 إلى يونيو/حزيران 2023.
وصف مرهاوي (26 عاما)، وهو رجل من تيغراي، تزايد الازدحام في مخيم المهاجرين في الرّقو في 2023:
الرّقو مزدحم جدا لأن الحدود قاتلة جدا. يبقى الناس في الرّقو بدلا [من العبور]. يُحاول الآن عدد صغير العبور لكن الآلاف يصلون كل يوم. لذلك لا يوجد عمل في الرّقو. الطريقة الوحيدة للبقاء على قيد الحياة هي إذا كان لديك نقود في جيبك. [23]
تُوضّح صور الأقمار الصناعية الزيادة الكبيرة في عدد الخيام في الرّقو وحوله من يونيو/حزيران 2022 إلى يونيو/حزيران 2023.
ديناميات عبور الحدود
يعبر المهاجرون الحدود إلى السعودية من اليمن عند نقاط مختلفة على امتداد حدود جبلية بطول 100 كيلومتر؛ تعتمد الدروب التي يسلكونها على المخيم الذي يغادرون منه. نشرت السعودية حرس حدود على طول هذا الدرب الجبلي لعدد من السنوات. [24]
من الثابت: قال الذين تمت مقابلتهم لـ هيومن رايتس ووتش إن الرحلات من الثابت إلى الحدود استغرقت ما بين خمس وسبع ساعات إلى عدة أيام. بتحديد الموقع الجغرافي لـ 29 مقطع فيديو منشور على مواقع التواصل الاجتماعي باستخدام صور الأقمار الصناعية والجبال الظاهرة في خلفية المقاطع، أعادت هيومن رايتس ووتش بناء المسار من مخيم الثابت إلى الحدود وأول كيلومترات داخل الأراضي السعودية. يمتد الدرب من 10 إلى 15 كيلومتر حتى الوصول إلى الحدود ويتضمّن منحدرات شديدة، ووديان، وممرات جبلية يصل ارتفاعها إلى 2,200 متر. قال أشخاص غادروا الثابت إنهم غادروا في مجموعات كبيرة تتراوح بين 50 و300 مهاجر.
قال مهاجرون وطالبو لجوء سافروا ضمن مجموعات كبيرة لـ هيومن رايتس ووتش إن مجموعتهم ضمّت نساء أكثر من الرجال، وعددا من الأطفال غير المصحوبين. إيفتو (20 عاما)، وهي امرأة من هرارغي في أوروميا، غادرت إثيوبيا عندما أقنعها المُهرِّبون بالسفر إلى السعودية مع وعد بفرص عمل أفضل. قالت عن عبورها الحدود في نوفمبر/تشرين الثاني 2022: "أغلب المجموعة كانت من الإناث. كنت في مجموعة فيها 250، 200 امرأة و50 رجلا. كان هناك أطفال كثيرون أعمارهم بين 12 و13 عاما". [25]
تحقّقت هيومن رايتس ووتش من 10 فيديوهات منشورة على "تيك توك" وفيسبوك بين 6 مارس/آذار و10 أبريل/نيسان 2023 لمهاجرين إثيوبيين يعبرون من اليمن إلى السعودية. يتراوح عدد المهاجرين في المجموعات الظاهرة في هذه المقاطع من 22 إلى نحو 100. حدّدت هيومن رايتس ووتش أن عدد النساء يفوق عدد الرجال بمرة ونصف في المقاطع التي تحتوي على تفاصيل كافية لتحديد النوع الاجتماعي للمهاجرين. زادت نسبة الإناث إلى الذكور من المهاجرين على الدرب في مقاطع الفيديو المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي بعد 30 يونيو/حزيران 2022 إلى خمسة أضعاف عدد النساء عن الرجال. كانت المقاطع الـ 10 التي تحقّقت منها هيومن رايتس ووتش قصيرة، بمتوسط 79 ثانية فقط، ولا يُرجّح أنها التقطت عدد المهاجرين الكامل في كل مجموعة.
قالت إيفتو إن الرحلة من الثابت استغرقت خمسة أيام مع محاولة مجموعتها تجنّب رؤيتها من قبل حرس الحدود السعودي الذين يحرسون المنطقة بدوريات. قالت: "مشينا خمسة أيام لأننا كنا نحاول الاختباء من حرس الحدود. كنا نُغيّر طريقنا [لتجنبهم]". [26]
من الرّقو: يقع مخيم الرّقو غير الرسمي للمهاجرين على الحدود مباشرة. لا يفصله عن الحدود السعودية سوى نهر. قال العديد ممن تمت مقابلتهم إنهم تمكنوا من رؤية المعبر الحدودي، ونقاط حرس الحدود، ومعدات مراقبة الحدود التي وصفوها بأنها "كاميرات كبيرة" من التجمع نفسه.[27] تحقّقت هيومن رايتس ووتش من 13 فيديو سُجّلت في الرّقو أو بالقرب منه، ونُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، تُظهر ثلاثة نقاط لحرس الحدود السعودي تُطلّ على المخيم من أعلى التلال القريبة. تُظهر ثلاثة من هذه المقاطع المنشورة على تيك توك في 6 مارس/آذار 2023 و28 أبريل/نيسان 2023 الأسيِجة المنشأة حديثا بجوار أحد مواقع حرس الحدود.
تُظهر صور الأقمار الصناعية أن هذه السياجات، الممتدة لمسافة 2.7 كيلومتر، قد بُنيت بين يوليو/تموز وديسمبر/كانون الأول 2022. تبدو قيد الإنشاء، وقد تزداد امتدادا، وتمتد بالتوازي مع سياجات أخرى بُنيت قبل 2022. تظهر شاحنات "بيك أب" باستمرار على صور الأقمار الصناعية على طول طرق الدوريات ومركونة عند نقاط الحراسة. تظهر شاحنة بيك أب واحدة مركونة بانتظام تحمل جسما مثبتا في الخلف على نقطة مرتفعة حيث تنتهي السياجات الجديدة. يواجه الجزء الخلفي من هذه الشاحنة الحدود اليمنيّة. لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من تحديد الغرض من الجسم المثبت في الخلف أو وظيفته.
قال الناس إن الوصول إلى الحدود من الرّقو استغرق 20 إلى 30 دقيقة، بحسب حجم مجموعتهم. انضم أربعة ممن تمت مقابلتهم إلى مجموعات عبور كبيرة من الرّقو، عبر معظمهم من الرّقو بمفردهم أو في مجموعات صغيرة تقل عن 10. هذا على الأرجح بسبب قرب الحدود من الرّقو وقلّة الحاجة إلى تلقي التوجيهات من المهربين.
قتْل المهاجرين
حجم قتل المهاجرين على الحدود الموثق في هذا التقرير يفوق بكثير الحالات التي وثقتها هيومن رايتس ووتش سابقا. انتهاكات السعودية ضد المهاجرين وطالبي اللجوء، التي ارتكبت تاريخيا والمفصلة مؤخرا في هذا التقرير، تتم بإفلات تام من العقاب. في تقرير من العام 2014، وثّقت هيومن رايتس ووتش كيف "أطلق حرس الحدود السعودي طلقات تحذيرية على المهاجرين وفي بعض الأحيان أطلقوا النار عليهم مباشرة، ما أدى إلى إصابتهم أو قتلهم".[28] تم توثيق نمط مماثل في تقرير من العام 2019.[29] في العام 2020، أوضحت هيومن رايتس ووتش كيف طردت قوات الحوثيين في أبريل/نيسان 2020 آلاف المهاجرين الإثيوبيين من شمال اليمن قسرا بذريعة تفشي فيروس كورونا، فقتلوا العشرات وأجبروا المتبقين على النزوح إلى الحدود السعودية.[30] ثم أطلق حرس الحدود السعودي النار على المهاجرين الفارين، فقتلوا العشرات، بينما فر مئات الناجين إلى منطقة حدودية جبلية. في النهاية، سمح المسؤولون السعوديون للمئات بدخول البلاد، لكنهم بعد ذلك احتجزوهم تعسفا في مرافق غير صحية وتسود فيها الانتهاكات دون السماح لهم بالطعن القانوني في احتجازهم أو ترحيلهم في النهاية إلى إثيوبيا.
بين 1 يناير/كانون الثاني و30 أبريل/نيسان 2022، أفاد خبراء من الأمم المتحدة عن تلقي مزاعم عن "قصف مدفعي ونيران أسلحة صغيرة زُعم أنه من قبل قوات الأمن السعودية، ما تسبب في مقتل ما يصل إلى 430 وإصابة 650 مهاجرا، من بينهم لاجئين وطالبي لجوء".[31] قال الخبراء إن ذلك "يبدو أنه نمط منهجي لعمليات القتل العشوائي على نطاق واسع عبر الحدود".
في يونيو/حزيران 2023، أفاد "مشروع المهاجرين المفقودين" التابع لـ "المنظمة الدولية للهجرة" أنه في عام 2022 "لقي ما لا يقل عن 795 شخصا، حتفهم على الطريق بين اليمن والسعودية، وخاصة في محافظة صعدة على الحدود الشمالية لليمن، ويعتقد أن الغالبية العظمى من الضحايا إثيوبيين".[32]
التغيير الملحوظ في نمط الانتهاكات الموثقة على الحدود بما فيها ظاهرة إطلاق النار من حين لآخر والاعتقالات الجماعية وعمليات القتل واسعة النطاق والمنهجية التي وثقها خبراء الأمم المتحدة العام 2022، وهذا التقرير يشير إلى أن الانتهاكات قد تشكّل جرائم ضد الإنسانية، إذا كانت هناك الآن سياسة على مستوى الدولة السعودية لقتل المهاجرين المدنيين.
قتْل المهاجرين بالأسلحة المتفجرة
وصف المهاجرون الذين كانوا يسافرون في مجموعات بمختلف الأعداد، والذين عبروا الحدود من اليمن إلى السعودية، الهجمات التي اعتقدوا أن حرس الحدود السعودي نفذوها والتي كانت متوافقة مع استخدام قذائف الهاون وغيرها من الأسلحة المتفجرة. تأكدت هيومن رايتس ووتش من استخدام الأسلحة المتفجرة في بعض هذه الحالات من خلال مطابقة أدلة الشهود مع التحليل الطبي لأدلة فوتوغرافية ممن قابلتهم هيومن رايتس ووتش، تظهر إصابات تتفق مع إصابات ناتجة عن صدمة انفجار.
وصف الأشخاص الذين سافروا في مجموعات من أربعة إلى خمسة أشخاص، وحتى عدة مئات، تعرضهم لهجوم بقذائف الهاون والأسلحة المتفجرة الأخرى من قبل حرس الحدود السعودي بمجرد عبورهم الحدود من اليمن إلى السعودية. بعد مغادرة المخيمات قرب الحدود، كان المهاجرون يقتربون من الحدود أو يعبرونها، ويحاولون في كثير من الأحيان مرات عديدة على مدى أشهر بعد "صدّهم" من قبل حرس الحدود السعودي. وصف من تمت مقابلتهم رؤية حرس الحدود السعودي ومواقع حرس الحدود وكاميرات المراقبة، ومحاولة تفادي الكشف، عن طريق العبور أثناء صلاة الفجر، مثلا.
حددت هيومن رايتس ووتش ما يبدو أنه مراكز لحرس حدود في صور الأقمار الصناعية تتوافق مع هذه الشهادات. صادف الأشخاص الذين تمت مقابلتهم قوات الحوثيين في المخيمات أو أثناء السفر إليها، لكنهم وصفوا بشكل متسق تعرضهم لهجوم من قبل حرس الحدود السعودي أثناء عبورهم الحدود أو قربها، وغالبا ما وصفوا زيهم العسكري وذكروا في كثير من الأحيان الأسلحة المتفجرة على أنها "مثل قنبلة"، أو قذائف هاون أو قاذفات صواريخ تُطلق من "مؤخرة السيارات". استمرت الهجمات في بعض الأحيان لساعات أو حتى أيام. بمجرد توقف الهجمات، كان حرس الحدود السعودي يقتربون من الناجين في كثير من الأحيان وتحتجزهم السلطات السعودية، أحيانا لشهور، في مراكز الاحتجاز السعودية. حتى أن حرس الحدود السعودي أخبروا الناجين الذين احتجزوهم أنهم يعرفون أن المهاجرين قادمون وأروهم المواقع المطلة "ليُظهِروا كيف كانوا يقتلون الناس".
وصف جميع من تمت مقابلتهم مشاهد مرعبة: نساء، ورجال، وأطفال مبعثرين في أرجاء التضاريس الجبلية مصابين بجروح شديدة أو مقطّعي الأوصال أو موتى. فحص أخصائيون طبيون من "الفريق المستقل لخبراء الطب الشرعي"11 مقطع فيديو وصورة فوتوغرافية للإصابات والجروح تلقتها هيومن رايتس ووتش أو جُمعت من وسائل التواصل الاجتماعي، وقيّم الفريق أنها متوافقة مع الإصابات الناجمة عن الشظايا والانفجارات.[33] وثّقت هيومن رايتس ووتش ما لا يقل عن 11 واقعة قدّر فيها من تمت مقابلتهم مقتل 70 شخصا على الأقل، بينهم ثمانية أشخاص من مجموعات تضم 140 شخصا على الأقل وعرفوا أن هناك فقط عددا صغيرا من الناجين.
قالت حمدية (14 عاما)، التي عبرت الحدود في فبراير/شباط 2023 ضمن مجموعة من 60 شخصا تعرضت لإطلاق نار متكرر: "رأيت أشخاصا يُقتلون بطريقة لم أتخيلها من قبل. رأيت 30 شخصا قُتلوا على الفور".
بعد أن شاهدت القتل الجماعي، دفعت حمدية نفسها تحت صخرة ثم نامت. قالت: "لا أعرف ماذا حدث بعد ذلك. شعرت أن الناس ينامون حولي. أدركت أن الناس الذين اعتقدت أنهم ينامون حولي كانوا في الواقع جثثا. استيقظت وكنت وحدي". [34]
بعد النجاة من الهجوم، ساعد مهاجرون ويمنيون آخرون حمدية للوصول إلى صنعاء. قالت لـ هيومن رايتس ووتش إنه رغم عدم تعرضها لأي إصابة جسدية، "أنا مصابة نفسيا. لا أستطيع النوم الآن. خلال الليل أشعر بخوف شديد. أفضّل أن يظل الناس مستيقظين ويتحدثوا معي".[35]
في المجموع، وصف 27 شخصا قابلتهم هيومن رايتس ووتش 28 هجوما في حوادث منفصلة بالأسلحة المتفجرة من الجانب السعودي من الحدود بعد عبورهم إلى الأراضي السعودية. 24 من هذه الحوادث تضمنت عمليات عبور جماعية كبيرة، بينما تعرضت أربع مجموعات تتكون من أقل من 10 أشخاص لهجمات بالأسلحة المتفجرة. في كثير من الأحيان لم يستطع الناس أن يسموا بدقة السلاح الذي أطلِقت نيرانه عليهم. استخدم الأشخاص الذين تمت مقابلتهم كلمات مثل "قنبلة" و"هاون" و"متفجرة" كمترادفات عند وصف السلاح المتفجر. قال بعض الذين تمت مقابلتهم إنهم رأوا قاذفات صواريخ مثبتة فوق مركبات تُستخدم لإطلاق أسلحة متفجرة عليهم.
ملاحظة بشأن حرس الحدود السعوديتتبع "المديرية العامة لحرس الحدود" لوزارة الداخلية السعودية. يقع مقر المديرية في الرياض، ولها تسع قيادات أو مناطق سيطرة: تبوك، والجوف، والمنطقة الشمالية، والمنطقة الشرقية، ونجران، وجازان، وعسير، ومكة، والمدينة. من المحتمل أن قوات أمنية أخرى، بالإضافة إلى حرس الحدود السعودي، كانت منتشرة على الحدود وقت الهجمات الموثقة في هذا التقرير. أفاد أحد منشورات "مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي" عام 2020 أن قوة أمنية جديدة تابعة لوزارة الداخلية، هي "فرقة الأفواج"، "منع المتسللين من عبور الحدود، ومكافحة التهريب والتجارة غير الشرعية"، ونشرت لدعم المديرية العامة لحرس الحدود.[36] في مايو/أيار 2018، أفادت صحيفة "نيويورك تايمز" أن فريقا من "القبعات الخضراء" من القوات الخاصة الأمريكية وصل إلى السعودية لتدريب القوات البرية السعودية المسؤولة عن تأمين الحدود ضد هجمات الحوثيين.[37] بناء على إفادات الشهود، لم يكن من الممكن تحديد وحدات قوات الأمن الضالعة في الهجمات ضد المهاجرين الإثيوبيين على الحدود مع اليمن. في غياب معلومات محددة عن الوحدات المتخصصة، يشير هذا التقرير إلى قوات الأمن السعودية على الحدود على أنها حرس حدود سعودي. |
العبور من الثابت
شرح الأشخاص الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش أن الرحلة من مخيم الثابت تستغرق من خمسة إلى سبعة أيام. تحققت هيومن رايتس ووتش من 29 فيديو وحددت موقعها الجغرافي، وهي تظهر مسار المهاجرين من المخيم، متجهين شمالا نحو الحدود السعودية قبل العبور إلى الأراضي السعودية.
باستخدام صور الأقمار الصناعية، حددت هيومن رايتس ووتش ثلاثة مراكز لحرس حدود سعودية خلف الحدود على بعد ما بين 3.5 و6 كيلومتر غرب الثابت. تمتد المراكز الثلاثة على مجرى النهر، أحدها إلى الشمال واثنان إلى الجنوب الغربي. حددت هيومن رايتس ووتش أربعة مبان إضافية تقع على امتداد 4.1 كيلومتر من خط التلال في الأراضي السعودية الذي يمتد تقريبا بالتوازي مع المسار الذي يستخدمه المهاجرون للعبور من الثابت. تقع المباني على طول الأسوار وما يبدو أنها طرق للدوريات، ما يشير إلى أنها من المحتمل أن تكون نقاط لحرس حدود سعودية. توجد ثلاثة مبان أخرى يبدو أنها نقاط لحرس حدود سعودية أقرب إلى أسفل الوادي حيث يجري نهر وادي حمر بين 1.3 إلى 3.1 كيلومتر شمال المسار من الثابت.
حددت هيومن رايتس ووتش ما يبدو أنه مركبة مدرعة مضادة للكمائن والألغام متوقفة عند أحد مراكز حرس الحدود السعودية شمال المسار من الثابت في صور للأقمار الصناعية من 11 أكتوبر/تشرين الأول 2021 إلى 1 يناير/كانون الثاني 2023. هذا الطراز هو مركبة تكتيكية خفيفة لها دروع ومصممة للحماية من الألغام أو العبوات الناسفة أو نيران الأسلحة الصغيرة. المركبة التي يمكن رؤيتها متوقفة في نقطة حرس الحدود السعودي يبدو أنها مزودة برشاش ثقيل مثبت في برج على سطحها. لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من تحديد ماركة المركبة أو طرازها.
باستخدام نموذج ثلاثي الأبعاد للمنطقة القريبة من الثابت، حددت هيومن رايتس ووتش أجزاء كبيرة من طريق الهجرة يمكن رؤيتها من أربعة من النقاط التي يحتمل أنها مراكز لحرس الحدود السعودي. يشمل ذلك معظم المسار الذي أعادت هيومن رايتس ووتش بناءه داخل الأراضي السعودية.
بما يتفق مع الأدلة المستقاة من الأشخاص الذين تمت مقابلتهم، تظهر 10 فيديوهات تحققت منها هيومن رايتس ووتش وحددت موقعها الجغرافي مهاجرين في مجموعات كبيرة مصطفّين على عشرات إلى مئات الأمتار على طول الطريق، مع عدد كبير من النساء، غالبا في ملابس ذات ألوان زاهية، وبدون أسلحة مرئية. تُظهر أربعة من الفيديوهات هذه التي نشرت على تيك توك 26 نوفمبر/تشرين الثاني و4 ديسمبر/كانون الأول 2022 مجموعة من 47 مهاجرا على الأقل في صف بطول 70 متر تقريبا يمر قرب خط البصر لموقع يبدو أنه مركز لحرس الحدود السعودي في الأراضي السعودية.
قال الأشخاص الذين تمت مقابلتهم بشكل متسق إنهم كانوا في الأراضي السعودية أثناء تعرضهم لإطلاق النار. لم يفيدوا عن وجود حدود واضحة المعالم، لكنهم قالوا إنهم رأوا مبانٍ على قمم التلال اعتقدوا أنها مراكز حرس حدود وكاميرات مراقبة وإن المهربين أخبروهم أنهم في الأراضي السعودية، وإن بعض المهاجرين المدينين للمهربين كانوا يُجبَرون على المشي في المقدمة لاستخدامهم "أهدافا للمدافع". أفاد الأشخاص الذين تمت مقابلتهم بشكل متسق أنهم رأوا حرس الحدود السعودي وحاولوا الهروب من مرمى بصرهم. كثيرا ما ذكروا رؤية حرس الحدود السعودي مع "سيارات" مزودة بمدافع هاون أو غيرها من الأسلحة المتفجرة على ظهرها. أفاد ما لا يقل عن تسعة ممن تمت مقابلتهم بأن حرس الحدود السعودي اقتربوا منهم واحتجزوهم بعد توقف إطلاق النار.
تركت دهبو (20 عاما) ديارها في غارا موليتا بأوروميا في إثيوبيا بحثا عن فرص اقتصادية أفضل في السعودية، ووصفت عبورها الحدود اليمنية-السعودية في ديسمبر/كانون الأول 2022:
فور وصولنا [الحدود]، أطلقوا [حرس الحدود السعودي] النار علينا... كان كثير من الناس يموتون. في مجموعة من 200 مهاجر نجا فقط 50 شخصا.
الأشخاص الذين أطلقوا النار علينا كانوا عسكريين حكوميين سعوديين – كان الزي متعدد الألوان. كان مثل الأخضر أو الأبيض أو ما شابه. الكل يعرف أنه الجيش السعودي – أخبرنا المهربون – إنهم عسكريون سعوديون، إنهم حرس الحدود. كان الجميع يصفون من أطلقوا النار علينا أنهم من الجيش السعودي. لم أستطع رؤية الجيش، الأشخاص الذين كانوا يطلقون النار علينا. لم تكن رصاصة أطلقوها. بل ألقيت من مؤخرة سيارة، مثل قنبلة. تقتل كثيرا من الناس. أطلقوا النار على كثير من الناس.[38]
قالت دهبو إن حرس الحدود السعودي احتجزوها بعد ذلك، وقالوا لها: "نحن نعلم أنكم قادمون في هذا الاتجاه".[39] قالت إن حرس الحدود السعودي أطلقوا سراحها بعد أربع ليال، وقالوا لها: "لا تنظري خلفك أبدا، وإذا نظرت إلى الخلف، سنقتلك".[40]
حاولت إفتو العبور إلى السعودية قبل شهر من محاولة دهبو، في نوفمبر/تشرين الثاني 2022:
مشينا خمسة أيام لأننا كنا نحاول الاختباء من حرس الشرطة [حرس الحدود]. كنا نغير طريقتنا [لتجنبهم]. كان هناك إطلاق نار من حرس الحدود. كانوا يطلقون قاذفات صواريخ كبيرة علينا. كانت مثل القنبلة. من بين 250 شخصا [في العبور الجماعي]، توفي 150. أصيب 70 أو 80 شخصا بجروح خطيرة وتفرقوا في جميع أنحاء الجبل.[41]
شرحت إفتو كيف تمكنت من تقدير عدد القتلى من المهاجرين من مجموعتها. أوضحت أنه بعد انتهاء إطلاق الأسلحة المتفجرة، جاء إليها حرس الحدود السعودي وقالوا "أرينا الموتى"، وجمعوا الناجين الباقين معا. أضافت إفتو: "بعد أن أسرونا، أخذونا إلى قمة الجبل ليظهروا كيف كانوا يقتلون الناس".[42] ثم اقتيدت إفتو بعد ذلك إلى مركز احتجاز "على بعد حوالي ست ساعات من الحدود" حيث احتُجزت لنحو ستة أسابيع. أطلق المسؤولون السعوديون سراحها في النهاية وأعادوها إلى الحدود حيث تمكنت من العبور عائدة إلى اليمن.[43]
حاولت هدية (20 عاما)، وهي من شرق هرارغي في إثيوبيا، العبور مرات عدة من مخيم الثابت:
مكثنا هناك ثلاثة أشهر، لأننا كنا نحاول العبور كل هذا الوقت. كنا نحاول العبور ثم يدفعنا حرس الحدود إلى العودة، ثم نحاول مرة أخرى ويتم دفعنا للعودة، حدث ذلك طوال ثلاثة أشهر.[44]
كانت آخر محاولة لهدية في أكتوبر/تشرين الأول 2022، ووصفت القوة القاتلة التي استخدمها حرس الحدود السعودي:
كنت مع 170 شخصا. كان معظمهم من النساء، وكان هناك أطفال أيضا. كان [حرس الحدود] السعوديون يطلقون النار علينا من مؤخرة سيارة. رأيتهم يلقون بشيء من السيارة ... عندما أطلقوا [حرس الحدود السعودي] النار علينا فقد الناس أيديهم وأرجلهم ولم نتمكن من مساعدتهم لأننا اضطررنا إلى مساعدة أنفسنا. رأيت الناس يقتلون بأم عيني. رأيت 20 قتيلا وأنا أمشي.[45]
في حالة أخرى، وصفت هانا (20 عاما)، وهي من غرب هرارغي في إثيوبيا، كيف تمكنت من تحديد هوية حرس الحدود:
رأيت سيارة حرس الحدود – كانت تشبه لون زي حرس الحدود. اللون يشبه لون العشب – أخضر وأبيض. السيارة صغيرة – يبدو أنه كان هناك سلاح في السيارة. نرى من بعيد أنهم يوجهونها إلينا ويبدو أنها بندقية. لا نرى الناس بوضوح ولكننا نرى السيارات – رأيت أكثر من 30 سيارة في جميع أنحاء الجبال. في وقت مبكر من الصباح بدأ [حرس الحدود] بإطلاق النار علينا... بدأ الناس يموتون... كان الناس يصرخون... واصل حرس الحدود إطلاق النار علينا لمدة ساعتين.[46]
في كلتا الحالتين، بعد توقف إطلاق النار، اقترب حرس الحدود السعودي من هدية وهانا واحتجزوهما.
قال ديستا (25 عاما)، وهو من غرب هرارغي، إنه غادر إثيوبيا لأنه "لم يستطع العيش" مع الفقر. قال إنه حاول عبور الحدود ثلاث مرات، وكانت المحاولة الأخيرة في يناير/كانون الثاني 2023 في مجموعة من نحو 200 شخص. توضح شهادته كيف يراقب حرس الحدود السعودي نقاط عبور المهاجرين من اتجاهات مختلفة من مواقع مختلفة لحرس الحدود:
عندما وصلنا إلى [نقطة العبور] الحدودية كانت هناك مراكز لحرس الحدود في ثلاثة اتجاهات، الجنوب، والجنوب الغربي، والشمال ... كان علينا أن نركض صعودا في هذا المكان حيث يجب أن تكون قويا بما يكفي للوصول إلى قمة الجبل وبالسرعة الكافية حتى لا يرانا مركز حرس الحدود الجنوبي الغربي.[47]
استرحنا في الماي لأنه لم يحدث شيء. اعتقدنا أن حرس الحدود لم يتمكن من الوصول إلى هذا المكان، لكن بعد وصولنا [إلى الماي]، رآنا [حرس الحدود] في مركز حرس الحدود الجنوبي وأطلقوا النار علينا حيث كنا نرتاح. بدأنا بالجري. كنا نزحف على أيدينا، ومات كثير من الناس وهرب بعضهم. ولكن بعد أن هربنا، اضطررنا إلى النزول [من الجبل] إلى أرض زراعية سعودية. لسوء الحظ، عندما وصلنا إلى الأرض الزراعية... كانت هناك دبابة سعودية تقف هناك. بدأت الدبابة بإطلاق النار علينا وقتلت عددا كبيرا من الأشخاص، 185. معظمهم لم يقتل فورا، أصيب معظمهم... أصيب الناس وكانوا ينتظرون المساعدة، لكن لم يأت أحد لمساعدتهم. نجا 15 شخصا فقط.[48]
تظهر نقطة حدودية سعودية في فيديو أُرسل إلى هيومن رايتس ووتش وتحققت منه هيومن رايتس ووتش وحددت موقعه الجغرافي. يُظهر الفيديو جثث اثنين على الأقل من المهاجرين مختبئين تحت الشجيرات إلى الشمال مباشرة من الطريق من الثابت إلى السعودية. يقول الشخص الذي كان يسجّل إن الضحايا قتلوا قبل ثلاثة أيام. يمكن رؤية المركز الحدودي على بعد 1.3 كيلومتر إلى الشمال الشرقي من الشخص الذي يسجل لثانية واحدة في الفيديو، قبل انكشاف الجثث مباشرة.
حاول بلال (25 عاما)، وهو من غرب هرارغي في إثيوبيا، عبور الحدود في فبراير/شباط 2023. وصف بلال الأسلحة المتفجرة التي رآها تُستخدم ضد مجموعته المكونة من 140 شخصا بأنها "مثل شيء يستخدم لإسقاط طائرة. يطلقونها من مؤخرة السيارة".[49] ثم شرح بلال كيف كان يسير مع مجموعته عندما أطلق عليهم حرس الحدود السعودي ما قال إنها قذائف هاون:
مشينا حوالي ثماني ساعات [من الثابت] للوصول إلى ذلك المكان [حيث وقع الهجوم]. هناك... مساحة حيث تأخذ قسطا من الراحة. مكثنا هناك لبضع ساعات ... بمجرد أن بدأنا المشي مرة أخرى، بدأ حرس الحدود يطلقون النار علينا – حوالي 10 مرات.
كانوا [حرس الحدود السعودي] ... يطلقون أشياء كبيرة مثل قذيفة هاون ... أطلقوها من مؤخرة سيارة. كان يمكننا أن نرى أين تمركز حرس الحدود. كانوا في أربع نقاط. فقدنا 130 شخصا في ذلك اليوم – غالبيتهم من النساء وكان هناك أطفال أيضا.[50]
وصف حمزة (26 عاما)، وهو من غرب هرارغي في إثيوبيا، الوصول إلى الحدود ورؤية سيارة تحمل "سلاحا كبيرا على ظهرها على بعد نصف كيلومتر". انتظرت مجموعته طوال الليل بعد أن شاهدت من قمة تل قريب 70 شخصا في مجموعة أخرى من 90 شخصا يُقتلون.
في وقت الغداء بدت واضحة. كان يمكننا رؤية السيارة لكنها لم تتحرك. أظهر لنا المهربون اتجاهات مختلفة حيث يوجد حرس الحدود... حيث يجب أن تركض. في وقت الغداء، قررنا، كنا 160 شخصا... بدأنا نسير في طابور، أطلق حرس الحدود النار علينا... رأيت أشخاصا يتطايرون نحو أغصان الأشجار، وأشخاصا يُقطعون إلى قسمين، وآخرون فقدوا أطرافهم.[51]
في إحدى الحوادث المروعة جدا في أوائل يونيو/حزيران 2023، قال الأشخاص الذين تمت مقابلتهم إن حرس الحدود السعودي أطلقوا أسلحة متفجرة على مجموعة من المهاجرين الذين كانوا يستريحون بعد أن أطلقوا سراحهم مباشرة عند الحدود. منيرة (20 عاما)، من أوروميا، شرحت ما حدث:
أخذَنا السعوديون من مركز الاعتقال في الدائر ووضعونا في حافلة صغيرة متوجهة إلى الحدود اليمنية. عندما أطلقوا سراحنا خلقوا نوعا من الفوضى. صرخوا فينا "اخرجوا من السيارة وابتعدوا". حاصرونا في نفس المسار، ولم يرغبوا في أن ننتشر في حال حاولنا العودة إلى السعودية على ما أعتقد، وعندها بدأوا بإطلاق قذائف الهاون – لإبقائنا في مسار الجبل، أطلقوا قذائف الهاون من اليسار واليمين. عندما كنا على مسافة كيلومتر واحد، تمكن حرس الحدود من رؤيتنا. كنا نرتاح سويا بعد أن ركضنا كثيرا ... وذلك عندما أطلقوا قذائف الهاون على مجموعتنا مباشرة. كان هناك 20 في مجموعتنا ونجا عشرة فقط. أصابت بعض قذائف الهاون الصخور ثم أصابتنا [شظايا] الصخرة ... السلاح يشبه قاذفة صواريخ، له ستة "أفواه"، ستة ثقوب أطلقوا النار منها، وأطلِقت من مؤخرة مركبة – تطلق النار عدة مرات في الوقت نفسه. أطلقوا علينا النار مثل المطر.
عندما أتذكر، أبكي ... رأيت رجلا فقد ساقيه يطلب المساعدة. كان يصرخ. كان يقول، "هل ستتركوني هنا؟ أرجوكم لا تتركوني". لم نتمكن من مساعدته لأننا كنا نركض للنجاة بحياتنا. العديد من الأشخاص فقدوا أجزاء من أجسادهم.[52]
راجع أخصائي من الفريق المستقل لخبراء الطب الشرعي صورة لإصابات وجه منيرة وخلص إلى أن الجروح تتوافق مع خصائص عنصر عالي السرعة مثل شظية.[53] في الوقت الذي تمت فيه مقابلة منيرة، كانت تتلقى العلاج الأولي في مركز طبي في قطابر (منطقة في صعدة) وأوضحت أنه لم يكن أمامها خيار سوى محاولة عبور الحدود مرة أخرى بمجرد أن تتعافى: "لا يمكننا تحمل تكاليف الحياة في اليمن، لا يوجد طعام، ولا يمكننا البقاء، سنموت. حتى أننا الليلة أو صباح الغد سنحاول عبور [الحدود] مرة أخرى".[54]
العبور من الرقو
كما ورد سابقا في هذا التقرير، يقع مخيم الرقو على الضفة المرتفعة لنهر يشكل الحدود اليمنية-السعودية. بمجرد أن يعبر المهاجرون النهر، يصبحون في الأراضي السعودية. كما في حال مخيم الثابت، استخدمت هيومن رايتس ووتش صور الأقمار الصناعية ومقاطع الفيديو التي نُشرت في وسائل التواصل الاجتماعي لتحديد السياج الحدودي إلى جانب ما يبدو أنها مراكز لحرس الحدود السعودي بعيدة عن النهر. تُظهر ثمانية فيديوهات متداولة في وسائل التواصل الاجتماعي بين 12 أبريل/نيسان 2022 و4 مايو/أيار 2023 داخل المخيم، وتحققت منها هيومن رايتس ووتش، أن هذه المراكز لها إطلالة مباشرة على الرقو.
أمانويل (20 عاما)، وهو من تيغراي، عبر إلى السعودية في مايو/أيار 2022 ووصل تقريبا إلى السياج الحدودي:
... قررنا السفر في الصباح حوالي الساعة 9 صباحا. بعد أن مشينا حوالي 30 دقيقة، كان هناك سياج [على الحدود]. مكون من معدن حديدي وبعض الشبك المعدني. عليك عبور هذا السياج للعبور إلى السعودية. ليس قويا، يمكنك القفز فوقه بسهولة. على بعد 10 أمتار من هذا السياج، ألقى حرس الحدود علينا متفجرة كبيرة. كانت أشبه بقذيفة هاون – متفجرة كبيرة جدا. أصابتني هذه.[55]
عبر أمانويل مشيا لمدة ساعتين من الرقو إلى السعودية ضمن مجموعة من 200 إثيوبيًا، 40 رجلا و160 امرأة من إثنيات مختلفة، في يناير/كانون الثاني 2023:
بعد أن عبرنا الحدود... كان الوقت منتصف الليل وكنا نجلس في مجموعات من 20 إلى 30 شخصا ... لا أعرف ما حدث، لكن حرس الحدود أطلقوا النار علينا ... كنا نجلس وفقا لإثنياتنا. مات جميع الأشخاص الأمهرة. كانت مجموعة التيغرانيين تجلس وحدها. أصبنا [التيغرانيون] بفعل الانفجار. قُتل جميع الأشخاص الموجودين على خط النار المباشر [للمتفجرة] ... أصِبتُ أيضا، ولكن ليس بشكل مباشر.[56]
أصيب بيرهي في ساقيه، ونقله مهاجرون آخرون إلى الأمان. طلب برهي المساعدة الطبية في أحد مستشفيات صعدة:
لدي إصابة في كلتا الساقين، لكن الساق اليمنى أسوأ لأنها مكسورة. وضعوا [مستشفى في صعدة] المعدن لدعم ساقي. لم أستطع مواصلة العلاج لأنني لا أملك المال الكافي. أنا أنام داخل مجمع المستشفى... تحت ظل الشجر لأنني لا أستطيع تحمل كلفة البقاء داخل المستشفى.[57]
سعيد (25 عاما)، وهو من رايا كوبو في أمهرة، حاول عبور الحدود في مارس/آذار 2023 وأصيب في وجهه وصدره عندما أطلق حرس الحدود السعودي النار على مجموعته:
غادرنا الرقو الساعة 3 صباحا وكنا 200 شخص في المجموعة. نصف مجموعتنا كانت نساء. تعبن وأردنَ الجلوس والاستراحة... لم نتمكن من التحرك لفترة لأن الوقت كان نهارا وكان علينا الانتظار حتى يذهب حرس الحدود للصلاة. عندما بدأنا السير، أطلق حرس الحدود النار علينا وقتلوا 40 شخصا. رأيت هؤلاء الناس يموتون ... ثلاثة من أصدقائي، نساء من رايا ... قُتلن أمامي ... لا أريد أن أفكر في ذلك كثيرا ... خرجت معدة صديقتي بالكامل، والأخرى فقدت ساقيها الاثنتين. لم أستطع دفن مزيد من الناس لأن إطلاق النار كان مستمرا.[58]
يُظهر مقطع فيديو في فيسبوك في 16 مارس/آذار 2023، تحققت منه وحددت موقعه الجغرافي هيومن رايتس ووتش، أربعة مهاجرين مصابين في مؤخرة شاحنة في موقع على بعد حوالي ثلاثة كيلومترات شرق الرقو. حدد أخصائي أمراض من الفريق المستقل لخبراء الطب الشرعي أن أحد المهاجرين الجرحى أصيب بأضرار في عضلات وعظام ساقه اليسرى بما يتفق مع أضرار المتفجرات.[59] يبدو أن الشاحنة تنقل المهاجرين للحصول على المساعدة الطبية.
مرهاوي (26 عاما)، من تيغراي، وصف نفسه بأنه تاجر، وقال إنه عبر إلى السعودية عدة مرات. شرح أن "حرس الحدود يرون المهاجرين بالكاميرات، لكن إذا رأوك تحمل بضائع فلن يقتلوك".[60] قال مرهاوي إنه سافر بعد ذلك إلى المعابر الحدودية من الرقو لأخذ جثة صديقه المتوفى الذي حاول العبور إلى السعودية في فبراير/شباط 2023:
أطلقوا [حرس الحدود السعودي] النار عليه برصاصة وليس بقذيفة هاون، في ساقه. أطلقوا النار عليه فقط على ساقه، وليس على أجزاء أخرى ... أعتقد أنه نزف حتى الموت. نعلم كم عانى لأنه ترك آثارا كبيرا في المكان…. ذهبنا لأخذ جثته. تواصلنا مع حرس الحدود ... كنا ثلاثة في ذلك اليوم. لم يصدقنا الحراس، لذلك أبقوا أحدنا وتركوا الآخرين يذهبون ويحضرون الجثة. أخذنا جثة صديقي ووصلنا إلى الرقو ودفنّاه.[61]
أعداد القتلى المهاجرين
لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من التأكد من العدد الدقيق للمهاجرين الذين قتلوا في كل حادثة موثقة في هذا البحث. قال الأشخاص الذين تمت مقابلتهم في كثير من الأحيان إنهم قدّروا عدد القتلى بطرح عدد الأشخاص الذين عادوا في نهاية المطاف إلى مخيمات المهاجرين والقرى الواقعة على طول الحدود أو في المستشفيات في صعدة من العدد الإجمالي في المجموعة التي حاولت عبور الحدود في البداية. تلاحظ هيومن رايتس ووتش أن بعض المهاجرين ربما عادوا دون علم من تمت مقابلتهم، وقد يكون البعض التمس المساعدة الطبية دون علم الناجين الآخرين، وربما تمكن آخرون من اجتياز دوريات حرس الحدود السعودي والدخول إلى السعودية.
إلا أن الأشخاص الذين تمت مقابلتهم كانوا في مجموعات من مئات الأشخاص أفادوا بشكل متسق أنهم شهدوا عددا من القتلى يفوق العدد الذي يمكن إحصاؤه، وأنهم كانوا محاصرين بالجثث بعد تعرضهم للهجوم. روى أحد الأشخاص الذين تمت مقابلتهم، فامي (23 عاما)، من غرب هرارغي، أوروميا، كيف عاد مهاجرون آخرون لجمع الجثث بعد أن تعرضت مجموعته لهجوم بالسلاح المتفجر على الحدود. قدّر فامي أن مجموعته بلغ عددها 190 شخصا عندما حاولوا عبور الحدود في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، لكن 20 فقط عادوا إلى مخيم الرقو للمهاجرين. قال: "أعرف أن 90 شخصا قتلوا، لأن بعض المهاجرين عادوا إلى ذلك المكان لأخذ الجثث. أحصوا حوالي 90 جثة".[62]
جمال (40 عاما)، من وولّو بمنطقة أمهرة، يعيش في اليمن منذ 19 عاما. قال إنه صديق لعديد من المهاجرين الإثيوبيين الذين يحاولون عبور الحدود إلى السعودية وأنه ذهب مؤخرا إلى صعدة ليدفن صديقه الذي توفي أثناء عبور الحدود في يناير/كانون الثاني 2023. عندما ذهب جمال إلى مشرحة "المستشفى الجهموري"، رأى كثيرا من الجثث التي تعرف عليها على أنها تشبه جثث مواطنين يمنيين محليين، لكنه قال إن معظمها يشبه الإثيوبيين. قال جمال: "لا أستطيع أن أحدد عدد القتلى، لكنه كبير. كانت الجثث مكدسة فوق بعضها".[63]
أرسل جمال إلى هيومن رايتس ووتش فيديو يظهر مدخل حاوية تحتوي كومة من الجثث، فيها على الأقل أربع جثث في ساحة مستشفى الجهموري. كما أرسل جمال مقطع فيديو آخر يظهر جثة إضافية فوق حاوية في الركن الجنوبي الشرقي من المستشفى.
العبور الجماعي الكبير والوفيات
قابلت هيومن رايتس ووتش 23 شخصا حاولوا العبور إلى السعودية ضمن مجموعات كبيرة تعرضت لإطلاق نار من أسلحة متفجرة. شمل ذلك شخصا شاهد مجموعة أخرى تتعرض لإطلاق النار في اليوم السابق لمحاولته العبور، فيصبح مجموع الحوادث 24. تشير التواريخ وأحجام المجموعات إلى أن هذه كانت جميعها حوادث منفصلة. في المجموع، تشير التقديرات إلى أن 3,442 شخصا شاركوا في حوادث العبور هذه. قدّر 10 أشخاص تمت مقابلتهم أنه من بين 11 محاولة عبور مع ما مجموعه 1,278 مهاجرا، شهدوا أو قدّروا ما لا يقل عن 655 حالة وفاة. في إحدى هذه الحوادث، أوضح أحد الناجين أن من بين مجموعته المكونة من 170 شخصا: "أعرف أن 90 شخصا قُتلوا، لأن بعضنا عاد إلى ذلك المكان لأخذ الجثث – أحصوا حوالي 90 جثة".[64]
بالنسبة لتسع محاولات عبور جماعية كبيرة إضافية، تضم نحو 1,630 شخصا، رأى الأشخاص الذين تمت مقابلتهم أشخاصا يموتون من حولهم، لكنهم غالبا ما كانوا مشغولين جدا بالفرار أو مصدومين جدا ولم يستطيعوا إعطاء تقدير لعدد الوفيات، وبدلا من ذلك حددوا عدد الأشخاص الذين عادوا إلى المخيمات. في هذه الحالات التسع، من أصل 1,630 مهاجرا، قال الأشخاص الذين تمت مقابلتهم أن 281 شخصا نجوا. مثلا، أوضح أحد الأشخاص الذين تمت مقابلتهم: "مِن 150، نجا سبعة أشخاص فقط في ذلك اليوم... كان هناك رفاة لأشخاص في كل مكان، منتشرة في كل مكان". ذهب أحد الذين تمت مقابلتهم إلى الحدود السعودية لأخذ جثة فتاة من قريته وقال "جثتها مكدسة فوق 20 جثة" موضحا أنه "يستحيل إحصاء العدد. الأمر يفوق الخيال. يذهب الناس في مجموعات مختلفة يوما بعد يوم. الجثث موجودة هناك". بالنسبة إلى المعابر الأربعة الكبيرة المتبقية التي تعرضت لإطلاق نار من أسلحة ثقيلة، لم يتمكن من تمت مقابلتهم من تقدير عدد القتلى أو الناجين المعروفين.
هذا يعني أن حرس الحدود السعودي قتلوا مئات، وربما آلاف المهاجرين وطالبي اللجوء الإثيوبيين.
عبور المجموعات الصغيرة
رغم إطلاق حرس الحدود السعودي أسلحة متفجرة على أربع مجموعات صغيرة تضم 10 أشخاص أو أقل أثناء عبورهم، قال الذين تمت مقابلتهم إنهم لم يشهدوا أي وفيات نتيجة لذلك.
تحليل الفيديوهات
حللت هيومن رايتس ووتش مقطعَي فيديو يظهران أعدادا كبيرة من المهاجرين القتلى منتشرين في أرجاء سفح الجبل. يبدو أن هذه الفيديوهات، التي نُشرت في فيسبوك، التُقطت في درب العبور الحدودي من اليمن إلى السعودية. رغم عدم تمكن هيومن رايتس ووتش من تحديد الموقع الجغرافي لهذه الفيديوهات بدقة، تتماشى التضاريس الجبلية، وطبيعة سطح الأرض، والنباتات الظاهرة فيها مع الفيديوهات الأخرى المحددة جغرافيًا للمنطقة الحدودية.
تم تحميل المقطع الأول من المقطعين على فيسبوك في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، ويظهر ما لا يقل عن 13 إلى 20 جثة هامدة قرب صخور وأشجار غير كثيفة. رغم رداءة نوعية الفيديو، يبدو أن جثتين على الأقل ملطختان بالدماء. وفقا لأخصائي أمراض من الفريق المستقل لخبراء الطب الشرعي، تظهر إحدى الجثث تحللا في مرحلة متقدمة. يزعم التعليق المرفق بالفيديو أنه يظهر "أولاد أورومو" الذين "ماتوا عند بوابة السعودية". يشير مصطلح أولاد أورومو المستخدم في هذا السياق إلى أن الأشخاص هم من منطقة أوروميا في إثيوبيا، وليس أن الجثث تعود إلى أطفال. شارك الشخص الذي حمّل الفيديو عدة فيديوهات مسجلة قرب الثابت على صفحته في تيك توك، ما يشير إلى أن المهاجرين ربما ماتوا قرب المسار من الثابت إلى السعودية.
يُظهر الفيديو الثاني، المنشور في فيسبوك في 18 مايو/أيار 2023، ما لا يقل عن سبعة مهاجرين قتلى قرب مسار، خمسة منهم إناث. بينما كان الأشخاص الذين التقطوا الفيديو يسيرون في المنطقة، غطوا الجثث بقماش وقدموا الماء إلى مهاجرَيْن آخرين يعرجان ويظهران على وشك الموت أثناء تحدثهما بالعربية والتغرينية. في مرحلة معينة، أشار شخص ما بعيدا عن الكاميرا إلى مهاجر على أنه "تيغراني"، ما يشير إلى أن الفيديو ربما التُقط قرب المسار من الرقو إلى السعودية. لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من تحديد سبب مقتل المهاجرين الذين ظهروا في مقاطع الفيديو هذه.
مواقع الدفن
حددت هيومن رايتس ووتش ما لا يقل عن ثمانية مواقع دفن قرب الرقو، نصفها في الأراضي السعودية، وأحصت ما لا يقل عن 287 قبرا في صورة القمر الصناعي بتاريخ 23 يونيو/حزيران 2023. أربعة من هذه المواقع، وهي الأقرب إلى الرقو، ازداد حجمها منذ 9 فبراير/شباط 2022، وهو التاريخ الذي أحصت فيه هيومن رايتس ووتش 183 قبرا.
يقع أكبر موقع دفن حددته هيومن رايتس ووتش على الضفة الأخرى من النهر مقابل الرقو في الأراضي السعودية. ازداد حجمه بشكل ملحوظ بين فبراير/شباط 2022 ويونيو/حزيران 2023. أحصت هيومن رايتس ووتش 12 قبرا في صورة القمر الصناعي بتاريخ 9 فبراير/شباط 2022 و72 قبرا في صورة القمر الصناعي بتاريخ 23 يونيو/حزيران 2023 في هذا الموقع.
تحققت هيومن رايتس ووتش من صحة فيديو على فيسبوك في 16 مايو/أيار 2022 يُظهر خمس جثث على الأقل مغطاة بقماش في مجرى النهر بجوار هذا الموقع. يُظهر مقطع فيديو إضافي من نفس الحادثة نُشر على تويتر في 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2022 مهاجرين يحفرون قبرا في موقع الدفن، ويضعون إحدى الجثث فيه. يُظهر مقطع الفيديو قبورا مكتملة أخرى في الموقع مبنية بالحجارة والإسمنت.
يُظهر مقطع فيديو التُقط في موقع دفن قريب ونُشر على تيك توك في 5 سبتمبر/أيلول 2021 لقطة مقرّبة لشاهد قبر مشابه يحمل اسمًا وتاريخَيْ ميلاد ووفاة بالتقويم الإثيوبي. يُظهر مقطعا فيديو آخران التُقطا في موقع دفن على بعد كيلومتر واحد شرق الرقو ونشر على تيك توك في 23 و25 ديسمبر/كانون الأول 2022 مهاجرين يحفرون ما يبدو أنها قبور فردية. لا تستطيع هيومن رايتس ووتش تأكيد عدد الجثث الموجودة في كل قبر في مواقع الدفن الثمانية المحددة، لكن الفيديوهات هذه تشير إلى أن كل شاهد قبر يمثل قبرا لشخص.
لا يمثل عدد القبور الجديدة في مواقع الدفن قرب الرقو بالكامل مئات أو آلاف الوفيات التي تحدث عنها الأشخاص الذين تمت مقابلتهم منذ مايو/أيار 2022، ولا تُسترد جميع جثث المهاجرين الذين قُتلوا أثناء عبورهم الحدود. كما وصف أطراف من جهات إنسانية[65] تدير خدمات للمهاجرين في صعدة كيف يُدفن بعض المهاجرين في أماكن نائية أو يُتركون دون دفن على مسار العبور، ما يعرضهم للعوامل الجوية أو الحيوانات البرية. تحققت هيومن رايتس ووتش من مقطعَيْ فيديو نُشرا على فيسبوك في 24 أبريل/نيسان 2023 يوضحان ذلك. يظهر المهاجرون في المقطعين وهم يدفنون الضحايا في منطقة غير محددة على الجانب اليمني من الحدود على الطريق من الثابت إلى السعودية. يظهر مقطعا فيديو آخران شاركتهما نفس الصفحة في فيسبوك في 4 أبريل/نيسان 2023، وحللتهما هيومن رايتس ووتش، دفنا مشابها في مكان بعيد مختلف. الجثث الأخرى التي تُسترد قد تُرسل إلى المستشفيات في المناطق المجاورة ومدينة صعدة.[66]
يشير كل من التناسق في إفادات الأشخاص الذين تمت مقابلتهم بشأن الأعداد الكبيرة للوفيات التي شهدوها، واستخدام حرس الحدود السعودي الأسلحة المتفجرة، ونمط القوة القاتلة المفرطة ضد المهاجرين المدنيين العزل إلى أن عناصر حرس الحدود السعودي قتلوا مئات إن لم يكن آلاف المهاجرين بين مارس/آذار 2022 ويونيو/حزيران 2023. تعتقد هيومن رايتس ووتش أن طبيعة الانتهاكات التي ارتكبها حرس الحدود السعودي وحجمها، وهي انتهاكات تتّبع نمطا حدده خبراء الأمم المتحدة وأبلِغت بها السلطات السعودية في أكتوبر/تشرين الأول 2022، وأوجه التشابه في عمليات القتل التي تبدو غير مشروعة والجرائم الأخرى تشير إلى أن هذه الانتهاكات قد تشكل جرائم ضد الإنسانية.
إطلاق النار من مسافة قريبة
قال الأشخاص الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش وكانوا يسافرون في مجموعات أصغر أو بمفردهم إنهم بمجرد عبورهم الحدود اليمنية-السعودية كانوا يرون حرس الحدود السعودي من بعيد أو أحيانا من مسافة قريبة حاملين بنادق. قال البعض إن هذه البنادق مجهزة بمناظير.[67] قال كثيرون إن حرس الحدود أطلقوا النار على مجموعاتهم فورا أو إن حرس الحدود كانوا يسمحون للمجموعة بقطع مسافة أكبر داخل الأراضي السعودية، ويسألون المهاجرين عن وجهتهم، ثم يطلقون نيران بنادقهم عليهم. كما قالوا إن حرس الحدود المسلحين أوقفوهم وسألوهم عن الطرف في جسدهم الذي يفضلون إطلاق النار عليهم، ثم أطلقوا النار على ذلك الطرف. وصف أحد الذين تمت مقابلتهم كيف قتل حرس الحدود السعودي مهاجرا "فورا" بعد أن رفض اغتصاب مهاجرة أخرى في المجموعة.[68]
نجا بعض الأشخاص الذين أصيبوا بالرصاص بعد فرارهم من حرس الحدود عائدين باتجاه اليمن. أما الآخرون الذين أطلِقت النار عليهم، فاحتُجزوا مؤقتا من قِبل حرس الحدود السعودي دون رعاية طبية. نقلهم العناصر السعوديون قرب اليمن، وهم مصابون، وطردوهم من السعودية. تعرض 14 شخصا ممن تمت مقابلتهم لحوادث إطلاق نار من مسافة قريبة على يد حرس الحدود السعودي. استُهدف ستة من الأشخاص الذين تمت مقابلتهم بأسلحة متفجرة وتعرضوا لإطلاق النار من مسافة قريبة.
نور الدين (23 عاما)، من غرب هرارغي، غادر دياره في إثيوبيا قبل أربع سنوات بسبب الوضع الاقتصادي وبحثا عن حياة أفضل في السعودية. بعد بضع سنوات قضاها في منطقة الريدة اليمنية يتسول ويبحث عن عمل، حاول عبور الحدود في ديسمبر/كانون الأول 2022:
واجهَنا حرس الحدود السعودي. كانوا يصرخون علينا ويأمروننا بالتوقف... استسلمنا وأظهرنا لهم أيدينا. عندما وصلوا [حرس الحدود السعودي] قربنا، أطلقوا النار علينا. كان الرجل الذي أطلق النار عليّ على بعد أربعة أمتار فقط منّي. كنت مع 45 شخصا آخر، رجالا ونساء، كانت معظم المجموعة من الإناث. كان هناك 12 رجلا فقط وكان هناك أطفال أيضا. أطلقوا النار على أرجلنا... كان الحراس يرتدون الزي العسكري السعودي، بألوان متعددة مع مزيج من الأخضر والبني. من الواضح أنه كان زيا عسكريا سعوديا. ثمانية أطلقوا النار علينا. كانوا يحملون أسلحة أو بنادق قنص مجهزة بكاميرات.
أصِبتُ في رقبتي وكنت أنزف ... لم أستطع تذكر الكثير. كان هناك ثمانية [حرس حدود] عندما أطلقوا النار علي. أتذكر هذا. بعد إطلاق النار علينا، جمعونا. أطلِقت النار على عديد من الأشخاص في أجزاء مختلفة من أجسادهم. اخترقت الرصاصة فمي وخرجت من رقبتي. أطلِقت النار عليّ بوحشية.[69]
أرسل نور الدين إلى هيومن رايتس ووتش صورة تظهر إصابته. راجع أخصائي طبي من الفريق المستقل لخبراء الطب الشرعي الصورة وأكد أن الإصابة تتوافق مع خصائص عنصر عالي السرعة، بما فيه الرصاص.[70]
أخذ حرس الحدود نور الدين وأربعة مهاجرين آخرين من مجموعته إلى مركز احتجاز مؤقت قريب. أطلقوا سراحه بعد خمسة أيام في منطقة قريبة من قرية الغار في اليمن على الحدود. لم يتلقَّ نور الدين أي رعاية طبية أثناء احتجازه، وأمر حرس الحدود المحتجزين الآخرين في المركز بعدم مساعدته أو مساعدة أي مهاجرين مصابين آخرين. قال نور الدين: "نجاتي كانت معجزة". بعد أيام قليلة من اعتقاله، ساعدته مهاجرتان محتجزتان بمعالجة النزيف وإصابته.
غادر فامي إثيوبيا بحثا عن حياة أفضل. عمل عاملا مياوما في اليمن لثلاث سنوات، معظمها في مزرعة قات (نبات تُمضغ أوراقه على نطاق واسع في جميع أنحاء اليمن والقرن الأفريقي ويحتوي على منشط يشبه الأمفيتامين، ولكنه أقل قوة)، حتى قرر محاولة عبور الحدود إلى السعودية في نوفمبر/تشرين الثاني 2022. وصف فامي لـ هيومن رايتس ووتش ما حدث بعد أن نجا من هجوم بسلاح متفجر:
بعد حدوث هذه الأشياء [الهجوم]، ألقوا القبض علينا [حرس الحدود السعودي]، وتعرفوا أولا على من يتحدث العربية [في مجموعتنا من الناجين]... من مجموعتنا، كان أحد المهاجرين يتحدث العربية، ثم طلبوا منه الاختيار، واختار يده وأطلقوا النار على يده.[71]
قال فامي إنه بعد أن أطلق حرس الحدود النار على يد الرجل، طردوه إلى اليمن، مصابا وبدون مساعدة طبية أو غيرها.[72]
كيروس (27 عاما)، من رايا ألاماتا في تيغراي، قال إنه كان يعيش ويعمل في السعودية، لكن في النهاية قبض عليه واحتُجز في مركز احتجاز لمدة عام في الشميسي بجدة قبل أن ترحّله السلطات السعودية إلى العاصمة الإثيوبية، أديس أبابا، أواخر صيف 2022. قال كيروس: "لم أستطع البقاء في أديس أبابا ولم أستطع السفر إلى تيغراي بسبب النزاع... الطريق لم يكن مفتوحا للذهاب إلى هناك [إلى تيغراي] ولأسباب اقتصادية عدت إلى اليمن لمحاولة الدخول إلى السعودية مرة أخرى".[73]
حاول كيروس عبور الحدود في سبتمبر/أيلول 2022 من الرقو ضمن مجموعة صغيرة من ستة رجال وأربع نساء. روى إنه بينما كانت مجموعته تسير نحو الحدود السعودية: "قال لنا حرس الحدود السعودي أن نتوقف". أضاف كيروس: "بينما كانوا يسيرون نحونا، فتحوا النار وأطلقوا الرصاص علينا". قال كيروس إن رصاصة ارتدت من صخرة أصابت ساقه، وكسرتها قرب ركبته.[74]
شرح غيبري (32 عام) من تيغراي:
هناك الكثير من حرس الحدود، وهم منتشرون في كل مكان على الحدود ... بالنسبة للأشخاص الذين أطلقوا النار علي – كان مجموعهم أربعة، لكنني تمكنت من رؤية آخرين. قال لنا حرس الحدود أن نتوقف... واختاروا ثلاثة منا لإطلاق النار عليهم، أطلقوا النار على ساقي اليسرى.[75]
استخدام المهاجرين "أهدافا للمدافع" من قبل المهربين
قال أشخاص قابلتهم هيومن رايتس ووتش إنه أحيانا كان يُوضع المهاجرون الذين لا يستطيعون دفع المال للمهربين في مقدمة المجموعة كـ "أهداف للمدافع" لاختبار سلامة الطريق.
حمدية (14 عاما)، التي غادرت ديارها في هرارغي في أوروميا بإثيوبيا لأنها لم تستطع مواصلة تعليمها وكانت بحاجة إلى الهجرة للبحث عن عمل، قالت إن المهربين في الثابت طالبوا من أجل العبور بمبلغ لم تكن تملكه:
طلب المهربون منا 500 ريال سعودي [133 دولار] لكن ليس لدي معارف في بلدي في إثيوبيا أو في السعودية أو اليمن [لمساعدتي في الدفع]. ضربوني [المهربون] مرة أخرى. قالوا لي إذا لم أدفع سأتعرض للاغتصاب. لكن هذا لم يحدث لي. بعد قضاء أسبوعين في الثابت، قال المهربون إن عليّ الذهاب [وعبور الحدود] ...
وضعوا [المهربين] بعض المهاجرين في مجموعة للسير في المقدمة - كنت أحد هؤلاء المهاجرين. بعد دقيقتين [أثناء العبور]، بقي [المهربون] في الخلف، وأرسلونا [المهربون] للسير في ذلك المكان، في ذلك المكان الخطير وهم يقولون "اذهبوا! ذهبوا!" ثم يشاهدونك. إذا نجحت وكان ذلك آمنا، يتبعونك.[76]
المجموعة التي تحدثت عنها حمدية في بداية هذا التقرير تعرضت لإطلاق نار متكرر بالأسلحة المتفجرة، وشهدت حمدية مقتل العشرات من حولها. نجت حمدية فقط لأنها اختبأت تحت صخرة من يومين إلى ثلاثة.
الإصابات
قابلت هيومن رايتس ووتش عديدا من المهاجرين الذين فقدوا طرفا أو أكثر بسبب أسلحة متفجرة أو إطلاق نار على الحدود. وصفوا غياب المرافق الطبية لتلقي العلاج الطبي في كل من مخيمَي الثابت أو الرقو وفي قرية الغار القريبة، التي عاد معظم المهاجرين إليها بعد الهجوم. وصل بعضهم إلى مستشفيات صعدة ونُقل الآخرون ذوو الحالات الأصعب إلى صنعاء. عادة، كان أصدقاء الضحايا وأقاربهم يجمعون الموارد لمساعدة المهاجرين في الحصول على الرعاية الطبية في المدن الكبرى. أحيانا، قال أشخاص تمت مقابلتهم إن القرويين اليمنيين المحليين الذين يعرفون وضع المهاجرين الجرحى على الحدود يساعدونهم في الحصول على الرعاية الطبية من خلال المساعدة في نقلهم إلى صنعاء.
سافر أوول مع شقيقه من غرب هرارغي في إثيوبيا لمحاولة كسب عيش أفضل في اليمن. استقر في الريدة، جنوب صنعاء مباشرة وشرح أن الحياة كانت صعبة. قال أوول: "أعمل في الزراعة، مثل مزارع قات. أحيانا أتقاضى أجرا، وأحيانا لا. أعمل طوال اليوم وآمل أن أحصل على أجر. هكذا أعيش".[77] حاول شقيقه عبور الحدود إلى السعودية على أمل إيجاد حياة أفضل هناك. أصيب بسلاح متفجر عندما حاول العبور في يونيو/حزيران 2022:
أطلق حرس الحدود [السعوديين] قنبلة عليه وقُتل كثير من الناس ذلك اليوم. كان يسير على قمة جبل وأصيب بالشيء الذي ألقاه عليهم حرس الحدود. سقط من الجبل وكسرت رجلاه وأصيب ظهره بالشلل.[78]
أضاف أوول وهو يشرح حالة أخيه الصحية:
لا يستطيع الأكل الآن. فكه مكسور. وضع [الأطباء] المعدن في فكه لعلاجه. طلبوا [المستشفى] مزيدا من المال لعلاجه لكننا لا نستطيع الدفع. لا يستطيع مضغ طعامه، ونعطيه السوائل. ظهره مكسور وهو مشلول... يحتاج إلى دم وجسده بحاجة إلى أن يكون أقوى. طلبوا منا [الأطباء] أن نأخذه إلى المنزل ونطعمه لنجعله أقوى لكننا لا نستطيع حتى إطعام أنفسنا. بصراحة، أنا فقط أنتظر موته.[79]
غادر أمانويل دياره في آديغرات في تيغراي العام 2020 بسبب النزاع: "كنتُ خائفا من التورط في الحرب. غادرت مع أحد أصدقائي وذهبت مباشرة إلى اليمن".[80] حاول أمانويل عبور الحدود إلى السعودية في مايو/أيار 2022 مع صديق آخر من الرقو. أطلق حرس الحدود السعودي النار عليه وعلى صديقه من سلاح متفجر. مات صديقه فورا وأصيب أمانويل بجروح خطيرة في ساقه:
كانت أشبه بقذيفة هاون [أصابتني]، متفجرة وكبيرة جدا. مكثت طوال الليل [حيث تعرضت للإصابة] حوالي 12 ساعة. كنت أنزف كل هذا الوقت. كنت أفكر في الموت لأنني كنت أفقد عقلي، من النزيف الزائد... أخذني شخصان، وفحصاني، وعرفوا أنني على قيد الحياة وحملوني إلى الرقو... الناس [المهاجرون الإثيوبيون] جمعوا المال وأرسلوني إلى صنعاء.... كنت أنام في الشارع لمدة ثلاثة أيام... كان الناس يمرون ويقدمون إلي الطعام، لكني لم أستطع تناول الطعام بسبب الألم. أخيرا، ساعدني بعض اليمنيين ونقلوني إلى المستشفى، وبتروا رجلي في المستشفى.[81]
انتهاكات أخرى لحرس الحدود السعودي على الحدود
لم تقتصر انتهاكات حرس الحدود السعودي على إطلاق الأسلحة المتفجرة وإطلاق النار على المهاجرين من مسافة قريبة. قال بعض من قابلتهم هيومن رايتس ووتش إنه بعد انتهاء الهجوم بالأسلحة المتفجرة، كان حرس الحدود السعودي ينزلون من نقاط حرس الحدود ويضربون الناجين.
وصف جوهور، وهو صبي عمره 17 عاما، كيف أجبره حرس الحدود السعودي مع ناجين آخرين على اغتصاب فتاتين ناجيتين بعد أن أعدم الحراس ناجيا رفض فعل ذلك:
[عندما توقف إطلاق النار] أخذونا [حرس الحدود السعودي]. كان في مجموعتي سبعة أشخاص، خمسة رجال وفتاتان.[82] أجبرنا حرس الحدود على خلع ملابسنا وأمرونا باغتصاب الفتاتين. كانت الفتاتان تبلغان من العمر 15 عاما. رفض أحد الرجال [المهاجرين]. قتله [حرس الحدود] فورا ... شاركت في الاغتصاب، نعم. للبقاء على قيد الحياة فعلت ذلك. نجت الفتاتان لأنهما لم ترفضا. حدث هذا في نفس المكان الذي وقعت فيه أعمال القتل.[83]
بعد أن أصيب كيروس في ركبته برصاصة أطلقها أحد عناصر حرس الحدود السعودي، وصف كيف شرع العناصر بضربه هو ومهاجرين آخرين:
بدأ حرس الحدود بضربنا وقالوا لنا أن نجلس على الأرض. فحصونا ثم التقطوا حجرا وبدأوا بضربنا به. نزف رأس أحدهم بسبب هذا. قيل لنا أن نعود إلى اليمن فورا. حُملت إلى اليمن بمساعدة مهاجرين آخرين. لكن عندما عدنا، وجدنا حارس آخر من حرس الحدود وضربنا بقضيب معدني. قال، "تعتقد أنك لن تتألم من هذا، يجب أن تُضرَب أكثر!" تعرضنا جميعا للضرب بهذه الطريقة.[84]
بعد أن نجت إفتو من هجوم بالأسلحة المتفجرة، قالت إن حرس الحدود السعودي بحثوا عن ناجين بين الجثث، ثم شرعوا بتعذيبهم:
عندما يرون [حرس الحدود السعودي] مجموعة، يطلقون النار باستمرار، وعندما يقتلون الجميع، ينزلون لجمع كل من لم يمت. هذا ما حدث لي. نجوت وجاؤوا لرؤيتي وأظهروا لي الموتى. أخذونا إلى قمة الجبل ليظهروا كيف كانوا يقتلون الناس. ثم أخذونا إلى مركز احتجاز وضربونا جميعا هناك.[85]
الاعتقال المؤقت في السعودية
أخذ حرس الحدود السعودي تسعة أشخاص تمت مقابلتهم ممن سافروا من الثابت ونجوا من هجمات بالأسلحة المتفجرة إلى مراكز للاحتجاز المؤقت في السعودية واعتقلوهم بين عدة ساعات إلى عدة أيام قبل طردهم إلى اليمن. تعرض بعضهم للضرب وجميعهم وصفوا الاكتظاظ، وسوء الصرف الصحي، وعدم كفاية الأفرشة والطعام والماء والرعاية الطبية.
بعد أن أصيب نور الدين برصاصة في رقبته من قبل حرس الحدود السعودي واقتادوه إلى ما وصفه بـ "المعسكر":
أخذونا [حرس الحدود السعودي] ونقلونا بالسيارة لمدة ساعة وربع إلى معسكر. يشبه المعسكر مركز قيادة لاسلكي - مكثنا هناك أربعة أيام، ثم بعد أربعة أيام أخذونا إلى الغار وأمرونا بالمغادرة من هناك.
لم نحصل على أي دعم طبي [في المعسكر]. حاول الناس إعطائي الماء لكن الحراس منعوهم. حذروا الناس من مساعدتي ... طيلة الأيام الخمسة كنت أنزف وأنام في الخارج. لم يكن يوجد مرحاض في المعسكر لذا استخدم الجميع الغرفة [التي ننام فيها] كمرحاض. لذلك، لا يمكنك استخدام الغرفة للنوم. حصلنا على الطعام في يوم واحد فقط. كان هناك نحو 140 شخصا في المخيم، معظمهم من النساء، وكانت هناك فتيات دون السن القانونية. بقينا جميعا في نفس المكان، ولم يكن هناك فصل بيننا.[86]
اعترض حرس الحدود منيرة مع مجموعتها عندما حاولوا العبور إلى السعودية. اصطحبهم الحراس إلى ما وصفته بمركز احتجاز رسمي في الدائر في منطقة جازان المتاخمة مباشرة لمحافظة صعدة في اليمن. ووصفت ظروف المركز الذي احتجزت فيه لمدة ثلاثة أيام وثلاث ليال:
لم نتمكن من الجلوس والنوم. كان علينا أن نقف. كان المرحاض يفيض والأرض مبللة ببراز بشري. البلل على الأرض... وصل إلى أعلى الكاحل. كنا نسير في ماء المرحاض. أصِبنا بالالتهابات بسبب ذلك. مرض الناس. كانت كارثة.[87]
بونا (18 عاما) من جيما في أوروميا بإثيوبيا، غادر لأنه لم يكن "لديه منزل يعيش فيه" وأوضح أنه كان يريد أن يكون قادرا على تحمل تكاليف منزله. حاول عبور الحدود في يناير/كانون الثاني 2022 في مجموعة صغيرة من أربعة مهاجرين آخرين لأنه لم يستطع دفع أي رسوم للمهربين. اعترضه حرس الحدود السعودي على الطريق الجبلي من الثابت وأطلقوا النار عليه من مسافة قريبة، ثم نقلوه إلى مركز احتجاز غير رسمي على بعد 20 دقيقة:
لم يكن مركز احتجاز [رسمي] أو معسكرا، بل هو المكان الذي يرعون فيه الأغنام، كمنزل للحيوانات. لم يكن هناك سوى أربعة منا في البداية ثم أضافوا مزيدا من الأشخاص. كثير وكثير من المهاجرين، أخيرا، وصل العدد إلى حوالي 100. حصلنا على طعام مرة واحدة في اليوم، بسكويت في الصباح. كانوا [حرس الحدود السعودي] يجلبون الماء في الصباح في برميل كبير... لم نكن نستطيع الشرب أكثر من مرة.[88]
الحماية الدوليّة للمهاجرين وطالبي اللجوء الإثيوبيين
في مارس/آذار، قالت "المفوضيّة السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين" (مفوضيّة اللاجئين): "تتأثر مناطق عديدة في إثيوبيا بالنزاع والاضطرابات العنيفة نتيجة للتوترات السياسية والعرقية، والنزاع على الأراضي والوصول إلى الموارد، والصراعات بين الطوائف. كما تتأثر المنطقة بمجموعة متنوعة من الكوارث الطبيعيّة، بما فيها الجفاف والفيضانات وتفشي الجراد".[89] أكّد هذا التصريح على قرار مفوضيّة اللاجئين بإصدار "التشاورات بشأن عدم الإعادة القسريّة"[90] إلى جميع الأطراف الإثيوبيين ودعوتها الدول إلى السماح للمدنيين الفارين من إثيوبيا بالوصول إلى مناطقهم مع ضمان احترام مبدأ عدم الإعادة القسرية. بالنظر إلى هذه التشاورات وأوضاع حقوق الإنسان في إثيوبيا، يدعو هذا التقرير جميع الحكومات، بما فيها السعوديّة، إلى تمكين طالبي اللجوء الإثيوبيين من الوصول إلى أراضيها ومنحهم حماية مؤقتة وإجراءات لجوء كاملة وعادلة. ونظرا إلى الوضع الحالي لطالبي اللجوء واللاجئين في اليمن والسعودية، يدعو هذا التقرير أيضا بلدان إعادة التوطين بشكل عاجل إلى زيادة أماكن إعادة توطين اللاجئين الإثيوبيين في اليمن، وذلك لمنح جزء من طالبي اللجوء بديل عن العبور من اليمن إلى السعوديّة.
في الفقرة 33 من التشاورات، دعت مفوضية اللاجئين الدول أيضا إلى عدم إعادة الإثيوبيين إلى بلادهم قسرا:
بما أنّ الأوضاع في أجزاء من إثيوبيا قد تظلّ متقلّبة وغير مؤكدة لبعض الوقت في المستقبل، إلى جانب حالة الطوارئ الإنسانية الجارية في البلد، تدعو مفوضية اللاجئين الدول إلى تعليق الإعادة القسريّة للمواطنين والمقيمين السابقين في إثيوبيا القادمين من أيّ مناطق متأثرة أو لا تزال متزعزعة وغير آمنة نتيجة لأعمال عسكريّة و/أو نزوحات حتى يستقر الوضع. ويُعدّ الحظر المفروض على الإعادة القسريّة كمعيار أدنى، ويجب أن يظلّ هذا البند ساريا لحين تحسّن حالة الأمن وسيادة القانون وحقوق الإنسان بشكل كبير للسماح بالعودة الآمنة والكريمة لأولئك الذين تقرر عدم حاجتهم إلى حماية دولية.[91]
عند كتابة هذا التقرير، كانت "المنظمة الدولية للهجرة" تُسيّر رحلات طيران وخدمات بموجب برنامج المساعدة على "العودة الإنسانية الطوعية" الخاص بالمهاجرين العائدين من اليمن إلى أديس أبابا في إثيوبيا.[92]
قابلت هيومن رايتس ووتش 15 شخصا تيغرانيا ورجلا واحدا من عفر قالوا جميعا إنّهم فرّوا من إثيوبيا بسبب النزاع الأخير في شمال البلاد. أدى اندلاع النزاع الأخير في منطقة تيغراي بين الحكومة الفدرالية الإثيوبية والقوات الإقليميّة المتحالفة والقوات الإرتيرية ضدّ مقاتلي تيغراي في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، وتوسّعه إلى منطقتَي عفر وأمهرة المجاورتين، إلى حصول العديد من الانتهاكات لحقوق الإنسان وقوانين الحرب.[93] في تيغراي، ارتكبت القوات الإثيوبيّة والقوات المتحالفة معها مذابح، وأعمال عنف جنسي واسعة، وقصف عشوائي وغارات بطائرات مسيّرة، وأعمال نهب، وهجمات عشوائيّة على أهداف وبُنى تحتيّة مدنيّة، مثل المستشفيات والمدارس.[94] في منطقة تيغراي الغربيّة، واصلت قوات الأمن والسلطات المؤقتة في أمهرة شنّ حملة تطهير عرقي ضدّ السكان التيغراي.[95]
كما ارتكبت قوات التيغرانية عمليّات قتل، وعنف جنسي، وهجمات ونهب للبُنى التحتية في منطقتَي أمهرة وعفر.[96] استمرت الانتهاكات في منطقة تيغراي منذ توقيع "اتفاق وقف الأعمال العدائيّة" في نوفمبر/تشرين الثاني 2022 الذي أنهى الأعمال العدائيّة الفعليّة. كما استمرّت انتهاكات حقوق الإنسان وانعدام الأمن في أجزاء أخرى من البلاد، لا سيما في منطقة أمهرة وأوروميا.[97] منذ 2019، تأثرت أجزاء من أوروميا بتمرّد وحملة لمكافحة التمرّد قادتها الحكومة وتعرّض خلالها مدنيو أوروميا، وكذلك أقليّات في المنطقة، لعمليات قتل واعتقالات تعسفيّة واسعة.
خروقات القانون الدولي
السعوديّة
القتل غير المشروع والاستخدام المفرط للقوّة
في 2017، قدّمت المقرّرة الخاص المعنية بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفا تقريرا عن الخسائر الجماعيّة للاجئين والمهاجرين أثناء هروبهم.[98] تناول التقرير عمليّات القتل التي ترتكبها الأطراف التابعة للدولة وغير التابعة لها. تنصّ المبادئ التوجيهية بشأن استخدام القوة القاتلة على أنّ استخدام القوة القاتلة بشكل عام يكون مشروعا فقط "لـ "إنقاذ حياة شخص ما أو حماية شخص من إصابة خطيرة"، وأنّ هذه القوة يجب أن تكون ضروريّة ومتناسبة ولا يُمكن استخدامها عشوائيا.[99] والاستخدام المتعمّد للقوة القاتلة بالأسلحة النارية، بموجب معايير الأمم المتحدة، مسموح به فقط من قبل مسؤولي إنفاذ القانون "إذا تعذّر تماما تجنّبه من أجل حماية الأرواح".[100] في تقريرها حول "قتل اللاجئين والمهاجرين غير المشروع" لسنة 2017، لاحظت المقررة الخاصة أنّه "لا يُشكّل عبور حدود بطريقة غير قانونيّة أو الاختباء من حرس الحدود أو الرشق بالحجارة أو الهرب من القبض أو اعتراض الطريق أفعالا تستوجب مواجهتها بالقوة المميتة".[101]
يُشير التوثيق الذي أجرته هيومن رايتس ووتش إلى أنّ أعمال حرس الحدود السعوديين ترقى إلى القتل غير المشروع والاستخدام المفرط للقوة. أطلق حرس الحدود النار مرارا وتكرارا على مجموعات من المهاجرين غير المسلحين الذين حاولوا عبور الحدود بشكل غير قانوني، كانوا غالبا نساء وأطفالا، عندما كانوا في أوضاع شملت الاستراحة. حدثت في الحد الأدنى بعض هذه الأعمال في مناطق قال المهاجرون إنها تزخر بإمكانيات رقابة حدوديّة كبيرة، وقال مهاجرون إنّ حرس الحدود أخذوهم إلى أماكن "ليُظهروا كيف كانوا يقتلون الناس".[102] أطلق حرس الحدود السعوديين النار بشكل متكرر النار على الناجين، فقتلوا بعضهم من مسافة قريبة، حتى في الحالات التي امتثل فيها الناجون لأوامرهم. في أبشع مثال، أُعدم مهاجر بإجراءات موجزة بعد أن رفض اغتصاب ناجيتَيْن أخريَيْن.
الجرائم الدوليّة، بما فيها التعذيب والجرائم ضدّ الإنسانيّة
الجرائم ضدّ الإنسانيّة هي جزء من القانون الدولي العرفي، وقد تمّ تضمينها لأوّل مرّة في "ميثاق المحكمة العسكريّة الدوليّة في نورمبرغ" لعام 1945. كان الغرض منها حظر الجرائم "التي صدمت ضمير الإنسانية... إما بحجمها ووحشيتها، أو بأعدادها الكبيرة، أو لأنّ نمطا مماثلا لها نُفذ وعرّض المجتمع الدولي للخطر".[103] ومنذ ذلك الحين، تمّ تضمين المفهوم في عدد من المعاهدات الدولية والأنظمة الأساسيّة للمحاكم الجنائيّة الدوليّة، بما في ذلك "نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائيّة الدوليّة". يختلف تعريف الجرائم ضدّ الإنسانية بشكل طفيف بحسب المعاهدة. في نظام روما الأساسي هناك مجموعة من الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان التي تُعتبر جرائم، وهي تلك التي تُرتكب في إطار هجوم واسع النطاق ومنهجي موجّه ضدّ أيّ سكان مدنيين، مع العلم بالهجوم.[104]
تُنصّ المادة 7(2)(أ) من نظام روما الأساسي على أنّ الجرائم ضدّ الإنسانية يجب أن تكون ارتُكبت كفعل في إطار سياسة دولة أو منظمة لارتكاب هجوم.
يجب أن يكون الهجوم على السكان المدنيين المتسبب في ارتكاب جرائم ضدّ الإنسانيّة واسع النطاق أو منهجيا، ولا يُشترط تحقق الشرطين معا.[105] تُشير عبارة "واسع النطاق" إلى حجم الأعمال وعدد الضحايا. يُمكن اعتبار عمليات القتل التي تحصل مرة واحدة، مثل المذابح الفرديّة لمجموعات كبيرة من المهاجرين الذين حاولوا عبور الحدود والتي حصدت عشرات الأرواح على الأقل، بحدّ ذاتها هجمات واسعة النطاق. وثقت هيومن رايتس ووتش ما لا يقلّ عن 24 عمليّة قتل واسعة النطاق، وتعتبر أن الانتهاكات والجرائم ضدّ الإنسانيّة التي ارتكبتها السلطات السعوديّة ضدّ المهاجرين الإثيوبيين "واسعة النطاق" وترقى إلى جرائم ضدّ الإنسانيّة.
يُشير الهجوم "المنهجي" أيضا إلى وجود "نمط أو خطة منهجية". اعتبرت المحاكم الدوليّة أنّ طبيعة الانتهاكات، وطابعها الواسع وتواترها (وليس فقط تصرّفات عناصر قوات الأمن) تُشكّل عوامل ذات صلة لتحديد ما إذا كانت الأفعال تعكس سياسة أم لا.[106]
وثّقت هيومن رايتس ووتش هجمات منتظمة ومتكررة من قبل حرس الحدود السعوديين باستخدام أسلحة متفجرة، يتبعها في كثير من الأحيان اقتراب حرس الحدود من الضحايا وإطلاق النار عليهم من مسافات قريبة، وأحيانا بمجرّد التحدّث مع الناجين. كما أطلق حرس الحدود السعوديون النار على مهاجرين بعد إطلاق سراحهم من الاحتجاز لدى السلطات السعودية. وردّا على هذا النمط، يضع المهرّبون المهاجرين الذين لم يدفعوا لهم رسوم التهريب في الصفوف الأمامية لمجموعات المهاجرين كـ "أهداف للمدافع" لاختبار ردّ حرس الحدود عند الاقتراب من المناطق التي قد يتواجدون فيها.
في أكتوبر/تشرين الأول 2022، نشرت الأمم المتحدة "اتصالات الخبراء بالحكومة السعوديّة وقوات الحوثي"،[107] وعرضت سلسلة من الادعاءات الخطيرة بانتهاك حقوق المهاجرين وطالبي اللجوء من 1 يناير/كانون الثاني إلى 30 أبريل/نيسان 2022، بما يشمل القتل، والتعذيب، والاحتجاز التعسفي، والاعتداء الجنسي. لاحظوا وجود:
ما بدا أنّه نمط منهجي لعمليات قتل عشوائيّة عبر الحدود باستخدام القصف المدفعي والأسلحة الصغيرة من قبل قوات الأمن السعودية ضدّ المهاجرين، بما في ذلك اللاجئين وطالبي اللجوء وضحايا الاتجار بالبشر.[108]
في مارس/آذار 2023، نفت الحكومة السعوديّة حصول عمليّات قتل وزعمت أنها "لم تكتشف أي معلومات أو أدلّة لتأكيد أو إثبات الادعاءات".[109] تدعم نتائج هيومن رايتس ووتش، التي تغطّي فترة مارس/آذار 2022 إلى يونيو/حزيران 2023، النمط المنهجي المشار إليه في مزاعم خبراء الأمم المتحدة.
يُمكن أن يكون ارتكاب الجرائم ضدّ الإنسانيّة أساسا للمسؤوليّة الجنائيّة الفردية، ليس فقط في المحاكم المحليّة للبلد الذي وقعت فيه الجرائم وإنما أيضا في المحاكم والهيئات القضائيّة الدوليّة، وكذلك في محاكم البلدان الأخرى بموجب مبدأ الولاية القضائية العالميّة. تمتد المسؤوليّة الجنائيّة الفرديّة إلى ما هو أبعد من المرتكبين الذين نفذوا الأعمال لتشمل الذين أمروا بها أو ساعدوا عليها أو سهّلوها أو حرّضوا عليها. بموجب مبدأ مسؤوليّة القيادة، قد يتحمّل المسؤولون العسكريون والمدنيون في سلسلة القيادة مسؤوليّة جنائيّة عن الجرائم التي يرتكبها مرؤوسوهم عندما يكونون على علم أو ينبغي أن يكونوا على علم بوقوعها دون اتخاذ إجراءات معقولة لمنعها أو معاقبة الضالعين فيها.
نظرا إلى الأدلّة التي تشير إلى وقوع أعمال قتل وجرائم أخرى على نطاق واسع أو بشكل منهجي، في إطار هجوم على المدنيين الإثيوبيين المهاجرين، ينبغي التحقيق في الجرائم التالية المزعومة ضدّ الإنسانية بشكل مستقل ومحايد، ومقاضاة مرتكبيها بحسب المقتضى، بما في ذلك التحقيق فيما إذا كانت توجد سياسة دولة سعودية تقضي بقتل المهاجرين الإثيوبيين وغيرهم من المهاجرين أو تعذيبهم أو إلحاق أذى كبير بهم. أيّ ملاحقة محددة للجرائم ضدّ الإنسانية يجب أن تفي بمعايير القانون الجنائي المتعلقة بالمسؤولية الجنائية الفردية. رغم أنّه يُزعم أنّ عناصر تابعين للحكومة السعوديّة، بصفتهم الرسميّة على الأراضي السعوديّة، هم الذين ارتكبوا هذه الجرائم، إلا أنّ سجلّ السعوديّة الموثق في عدم التصدي للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان يُلقي بالشكّ على استعدادها لإجراء تحقيق ذي مغزى، رغم خطورة الانتهاكات المزعومة.
القتل والاضطهاد والأعمال اللاإنسانية الأخرى
يُحظر القتل باعتباره انتهاكا للحق في الحياة بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، وباعتباره انتهاكا "للمادة الثالثة المشتركة من اتفاقيات جنيف" لعام 1949.
تشمل "الأعمال اللاإنسانية الأخرى" تلك التي لها "طابع مماثل بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان وتتسبب عمدا في معاناة شديدة أو إصابة خطيرة بالجسم أو بالصحة العقليّة أو البدنيّة".
أطلقت قوات حرس الحدود السعوديّة نيران أسلحة متفجّرة على مجموعات كبيرة من المهاجرين الإثيوبيين، فيها غالبا نسبة كبيرة من النساء والأطفال، حتى وهم في حالة راحة. تحدّث مهاجرون عن حوادث قتل من مسافات قريبة، بعضها حصل بعد أن أمرهم حرس الحدود السعوديون بالتوقف أو أخضعوهم للاستجواب. وفي أبشع مثال عن ذلك، قتل مهاجر بعد أن رفض اغتصاب مهاجرتَيْن أخريَيْن. كما تعرّض مهاجرون لإطلاق النار بُعيد الإفراج عنهم من الاحتجاز السعودي. حصلت بعض هذه الأعمال على الأقل في مناطق قال المهاجرون إنها تتوفر على قدرات مراقبة حدوديّة كبيرة.
كما تعرّض الناجون من الهجمات باستخدام الأسلحة المتفجرة للضرب بالحجارة والقضبان الحديديّة، وإطلاق النار من مسافات قريبة، والاغتصاب من قبل ناجين آخرين بأوامر من حرس الحدود، وأجبروا على اغتصاب ناجين آخرين، واختيار أجزاء من أجسامهم لتُطلق عليها النار. وأثناء احتجازهم من قبل حرس الحدود السعوديين، حُرم المهاجرون من الماء والأكل والصرف الصحي أو العلاج الطبي لإصابات خطيرة، ووُضعوا في ظروف احتجاز لاإنسانية ومهينة، مثل إجبارهم على الوقوف لأيام متواصلة لأنّ الأرضيّة كانت مغطّاة بمياه الصرف الصحي والفضلات البشريّة.
هذه الأفعال مجتمعةً قد ترقى إلى جرائم ضدّ إنسانية متمثلة في القتل وأفعال لاإنسانية أخرى، ويجب التحقيق فيها ومقاضاتها بحسب المقتضى.
التعذيب
تعرّض الإثيوبيون المحتجزون مؤقتا للتعذيب، الذي يُعرّف على أنّه "أيّ عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد"، جسديا كان أم عقليا.[110]
العديد من الأعمال المرتكبة ضدّ الإثيوبيين ترقى إلى التعذيب بموجب "اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة،[111] والسعوديّة طرف فيها. تحدث الناجون من الهجمات بالأسلحة المتفجرة عن تعرّضهم للضرب بالحجارة، وإطلاق النار من مسافات قريبة، وفي احدى الحالات التعرّض للاغتصاب من قبل ناجين آخرين بأمر من حرس الحدود، والإجبار على اغتصاب ناجيات أخريات وعلى اختيار أجزاء الجسد التي ستُطلق عليها النار. قد تشمل أعمال التعذيب أيضا الضرب، والإهانات اللفظيّة، والحرمان من الأكل والشرب والرعاية الطبية. أثناء احتجازهم من قبل حرس الحدود، حُرم المهاجرون من الماء والأكل والصرف الصحي والرعاية الطبية لإصابات خطيرة، ووُضعوا في ظروف احتجاز لاإنسانية.
الصد وانتهاك مبدأ عدم الإعادة القسريّة
عمليات الصدّ تشكل طردا جماعيا، وتمنع الأشخاص من الوصول إلى إقليم ما، أو دخوله، أو البقاء فيه، وعادة ما يكون تقييم احتياجات الحماية فيها للحصول على اللجوء موجزا أو غائبا. عمليّات الصدّ تنتهك الحق في احترام الإجراءات الواجبة كما ينصّ على ذلك "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنيّة والسياسيّة"[112] ومبدأ عدم الإعادة القسرية المكفول في القانون الدولي العرفي. السعوديّة مُلزمة بموجب الاتفاقيات والقانون العرفي الدولي باحترام مبدأ عدم الإعادة القسريّة، الذي يحظر إعادة أي شخص إلى مكان قد يواجه فيه خطرا حقيقيا يتمثّل في التعرض للاضطهاد أو التعذيب أو غيره من ضروب سوء المعاملة، أو خطرا على الحياة.
عمليّات الصدّ الجماعية للاجئين والمهاجرين الإثيوبيين التي تقوم بها السعوديّة على حدودها مع اليمن لا تسمح بإجراء تقييمات فرديّة لحق كل شخص في الحصول على حماية دوليّة. يكاد يكون من المؤكّد أنّ المهاجرين الذين تتمّ إعادتهم سيواجهون الاضطهاد أو التعذيب أو الاغتصاب أو غير ذلك من ضروب سوء المعاملة، أو ستتعرض حياتهم للخطر. يتعرّض المهاجرون في المخيّمات على الجانب اليمني من الحدود باستمرار للابتزاز والاغتصاب والضرب وغير ذلك من ضروب المعاملة السيئة، ولا يُمكنهم الحصول على الضروريات الأساسيّة، مثل الطعام والرعاية الطبية. الظروف سيّئة إلى درجة أنّ المهاجرين الذين أعيدوا إلى اليمن قالوا إنّه لم يكن أمامهم أيّ خيار سوى محاولة العبور إلى السعوديّة مجددا، وهم يعلمون أنّهم معرّضون لخطر إطلاق النار من قبل حرس الحدود السعوديين.
قد ترقى عمليات الصد إلى الاستخدام المفرط للقوّة. لاحظت المقرّرة الخاصة في تقريرها لسنة 2017:
قد تبلغ تدابير "الإبعاد" [الصد] حدّ استخدام القوّة المفرط متى أدّى الموظفون إلى وضع اللاجئين أو المهاجرين عمدا وعن علم في ظروف قد يتعرّضون فيها للقتل أو تصبح حياتهم فيها مهدّدة بسبب البيئة، وذلك إضافة إلى انتهاك تلك التدابير لمبدأ "عدم الإعادة القسريّة".[113]
تعتقد هيومن رايتس ووتش أن عمليّات الصد التي يقوم بها حرس الحدود السعوديين باتجاه اليمن قد تُعرّض الأرواح عمدا للخطر لأنّ حرس الحدود يعلمون لكنّهم يتجاهلون أنّ المهاجرين الإثيوبيين قد يتعرّضون لجرائم وحشية على يد قوات الحوثيين عندما تتمّ إعادتهم بدون اتباع الإجراءات الواجبة.
قوّات الحوثيين
يُركّز هذا التقرير بشكل كبير ومقصود على الانتهاكات التي يرتكبها حرس الحدود السعوديين.
غير أنّ هيومن رايتس ووتش تعتقد أنّ الحوثيين أيضا يلعبون دورا مهمّا في ارتكاب انتهاكات ضدّ المهاجرين على طول طريق الهجرة. قد يرقى دور قوات الحوثيين في تنسيق الأمن وتسهيل وصول المهرّبين والمهاجرين إلى الحدود في محافظة صنعاء، فضلا عن ممارساتها في احتجاز المهاجرين وابتزازهم، إلى التعذيب والاحتجاز التعسفي والاتجار بالبشر.
الاتجار بالبشر
يُعرّف "بروتوكول الأمم المتحدة لمنع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص، وبخاصة النساء والأطفال" (بروتوكول الاتجار بالبشر)، وإثيوبيا والسعودية طرفان فيه، الاتجار بالشر على أنّه تجنيد أشخاص أو نقلهم أو تنقيلهم أو إيواؤهم أو استقبالهم بواسطة "التهديد بالقوة أو استعمالها أو غير ذلك من أشكال القسر... أو بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص له سيطرة على شخص آخر لغرض الاستغلال".[114] ويشمل الاستغلال، كحدّ أدنى، "استغلال دعارة الغير أو سائر أشكال الاستغلال الجنسي، أو السخرة أو الخدمة قسرا، أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق، أو الاستعباد أو نزع الأعضاء".[115]
بعض الانتهاكات المعروضة في هذا التقرير تُشكّل اتجارا بالبشر، فهي تشمل نقل المهاجرين وتنقيلهم وإيوائهم باستخدام القوة أو التهديد وبغرض الاستغلال. وهذا يشمل حالات نقل فيها مهرّبون أطفالا ومهاجرين راشدين باستخدام القوّة، من أجل ابتزازهم ماليا في وقت لاحق عن طريق الضرب.
الحق في الانتصاف
بموجب القانون الدولي، يحق لضحايا القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي الحصول على انتصاف، بما في ذلك التعويض. وفقا "لمبادئ الأمم المتحدة الأساسيّة بشأن الحق في الانتصاف والجبر"، يحق لضحايا الانتهاكات الجسيمة على وجه الخصوص "جبر ما لحق [بهم] من ضرر على نحو فعّال ومناسب وفوري".[116] يستند هذا الحق إلى المبدأ الأوسع للحق في الحصول على تعويض ملموس وفعال في مواجهة الانتهاكات.[117]
ضحايا الانتهاكات الجسيمة هم "الأشخاص الذين لحق بهم ضرر، أفرادا كانوا أو جماعات، بما في ذلك الضرر البدني أو العقلي أو المعاناة النفسية أو الخسارة الاقتصادية أو الحرمان بدرجة كبيرة من التمتع بحقوقهم الأساسيّة"، وهذا يشمل "أفراد الأسرة المباشرة أو من تعيلهم الضحيّة المباشرة، والأشخاص الذين لحق بهم ضرر أثناء تدخلهم لمساعدة الضحايا المعرّضين للخطر أو لمنع تعرّضهم للخطر".[118]
يشمل الجبر، من بين جوانب أخرى، الردّ (أو التعويض العيني) والتعويض (المالي). يكون التعويض مستحقا عندما لا يُمكن الحصول على ردّ.[119]
يحق للمهاجرين الإثيوبيين وأفراد أسرهم الحصول على تعويضات عن الانتهاكات الجسيمة التي ارتُكبت ضدّهم كجرائم ضدّ الإنسانية، مثل التعرّض للتعذيب أو الاضطهاد أو القتل. تتحمّل الحكومة السعوديّة المسؤوليّة الأساسيّة عن تقديم تعويضات إلى الضحايا أو مساعدتهم في الحصول عليها.
التوصيات
للسعوديّة
· الإلغاء الفوري والعاجل لأي سياسات، سواء كانت صريحة أو بحكم الأمر الواقع، تستهدف المهاجرين بالأسلحة المتفجرة وإطلاق النار من مسافات قريبة على المهاجرين المدنيين على الحدود مع اليمن.
· التحقيق مع أفراد قوات الأمن المتورطين في إطلاق أسلحة متفجرة وإطلاق النار من مسافات قريبة على المهاجرين على الحدود مع اليمن، وتأديبهم ومقاضاتهم بحسب المقتضى.
· إنشاء آلية عادلة، وسهلة البلوغ، ومستقلّة لتقديم تعويضات عن الجرائم ضدّ الإنسانية المرتكبة ضدّ المهاجرين وطالبي اللجوء الإثيوبيين.
· التحقيق في الانتهاكات المزعومة في مراكز الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية، وتأديب من تثبت مسؤوليته أو ملاحقته.
· التحقيق في مزاعم ظروف الاحتجاز اللاإنسانية والمهينة أثناء الاحتجاز في المراكز الرسمية وغير الرسمية، بما في ذلك الاكتظاظ، والصرف الصحي السيئ، وقلّة الأفرشة وسوء نوعيتها، والطعام والماء، والرعاية الطبية، ووضع رجال ونساء وأطفال من غير الأقارب معا.
· المصادقة على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
· احترام مبدأ عدم الإعادة القسريّة وإنهاء عمليات الصدّ والطرد الجماعي.
· المصادقة على اتفاقية اللاجئين لعام 1951 ووضع إجراءات لجوء متوافقة مع المعايير الدولية للأشخاص عديمي الجنسيّة والأجانب المعرّضين لخطر الاضطهاد في بلدانهم.
· السماح لمفوضية اللاجئين بممارسة مهامها بالسماح لها بتحديد وضع طالبي اللجوء وتسهيل الحلول الدائمة، بما في ذلك تحقيق اندماج المعترف بهم كلاجئين في السعودية وإعادة توطينهم في بلدان ثالثة.
لقوات الحوثيين
· وقف ممارسات الاحتجاز التعسفي بحق المهاجرين، وتعذيبهم، والاتجار بهم.
· التحقيق مع مرتكبي الاتجار بالبشر ومعاقبتهم بحسب المقتضى، بما يشمل أفراد قوات الأمن الحوثية المتواطئة في الانتهاكات.
· التحقيق في الانتهاكات المزعومة في مراكز الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية في محافظة صعدة، وتأديب المتورطين فيها بشكل مناسب.
· السماح بوصول المساعدات الإنسانية فورا ودون عراقيل إلى المصابين العائدين من محاولات عبور الحدود.
· منح الناجين من هجمات الأسلحة المتفجرة وإطلاق النار من مسافات قريبة فورا الغذاء الكافي والماء والرعاية الطبية، بما في ذلك خدمات الصحة النفسية.
للحكومات المعنيّة
· دعوة السعوديّة علنا إلى إنهاء أي سياسات، سواء كانت صريحة أو بحكم الأمر الواقع، تستهدف المهاجرين بالأسلحة المتفجرة وإطلاق النار من مسافات قريبة على المهاجرين على الحدود مع اليمن.
· الضغط على السلطات السعوديّة لتوجيه حرس الحدود بالامتناع عن استخدام القوة القاتلة ضدّ المهاجرين الذين يحاولون الدخول إلى أراضيها.
· تعليق أيّ عمليات نقل أسلحة أو معدّات عسكريّة أخرى إلى السعوديّة، بما في ذلك اتفاقات التدريب، والأسلحة، والصيانة مع وزارة الداخليّة السعوديّة.
· تعليق أيّ تدريبات عسكرية مستمرّة والتعاون مع وزارة الداخلية و/أو حرس الحدود السعوديين.
· التحقيق في مصادر الأسلحة والمعدّات التي استخدمها حرس الحدود السعوديين في الهجمات ضدّ المهاجرين على الحدود مع اليمن.
· الضغط من أجل محاسبة أيّ مسؤولين سعوديين كبار ضالعين بشكل موثوق في عمليات القتل الجماعية المستمرّة على الحدود مع اليمن، وإلى أن يتم ذلك، فرض عقوبات على المسؤولين السعوديين والحوثيين الضالعين بشكل موثوق في الانتهاكات ضدّ المهاجرين على الحدود، بما يشمل تسهيل وصول المهرّبين إلى الحدود، وكذلك احتجاز المهاجرين وابتزازهم.
· دعم استخدام الولاية القضائية العالمية أو غيرها من أشكال الولاية القضائية على النحو المنصوص عليه في القانون الدولي والمحلّي للتحقيق مع المواطنين السعوديين الضالعين بشكل موثوق في عمليات قتل بإجراءات موجزة بحق المهاجرين في انتهاك للقانون الدولي، ومقاضاتهم حيثما تسمح الأدلة بذلك.
· الضغط على سلطات الحوثيين للسماح بوصول المساعدات الإنسانية فورا ودون عراقيل إلى المصابين العائدين من محاولات عبور الحدود.
· إتاحة المزيد من الموارد لدعم المساعدة القانونية لطالبي اللجوء واللاجئين والمهاجرين في اليمن.
· زيادة أماكن إعادة توطين اللاجئين وطالبي اللجوء الإثيوبيين في اليمن، وإنشاء مسارات تكميلية سخيّة ومستدامة للهجرة الآمنة والقانونيّة للإثيوبيين ورعايا الدول الأخرى من أجل لمّ شمل الأسر والتعليم والتوظيف.
للأمم المتحدة
· إجراء تحقيق مستقل مدعوم من الأمم المتحدة في عمليات القتل والانتهاكات ضدّ المهاجرين وطالبي اللجوء على الحدود السعودية-اليمنية، بما فيها تلك الموثقة في هذا التقرير.
شكر وتقدير
أجرت أبحاث هذا التقرير وكتبته الباحثة في قسم حقوق اللاجئين والمهاجرين في هيومن رايتس ووتش نادية هاردمان. أجرى كل من مساعد الأبحاث في "مختبر التحقيقات الرقميّة" ديفون لوم والمحللين الأوّلين في المختبر وكارولينا خوردا ألفاريز وليو مارتين أبحاثا مفتوحة المصدر وأبحاث الجغرافيا المكانية لهذا التقرير.
راجع التقرير وحققه كل من مدير قسم حقوق اللاجئين والمهاجرين بيل فريليك، والمدير الإداري لمختبر التحقيقات الرقمية سام دابرلي. كما راجعت التقرير الباحثات في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نيكو جعفرنيا وكريستين بيكرلي وجوي شيا، ونائب مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مايكل بيْج. كما راجعته أيضا كل من بلقيس جراح من برنامج العدالة الدوليّة، وروثنا بيغم من قسم حقوق المرأة، وبيدي شيبرد من قسم حقوق الطفل، وجوليا بليكنر من فريق الصحة، وسامر مسقطي من قسم حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، ومديرة قسم الأسلحة بالإنابة ماري ويرهام، ونائب مدير قسم الأسلحة مارك هيزني، ولوسي كاكرنام وكلاوديو فرانكافيلا من قسم المناصرة. قدّمت المسؤولة في قسم حقوق اللاجئين والمهاجرين ميشال رندهاوا مساعدةً في الأبحاث والتحقيق والإعداد للنشر.
أجرى المستشار القانوني الأول كلايف بالدوين، ونائب مديرة البرامج باباتوندي أولوغبوجي مراجعة قانونية وبرامجية. ساعد في الإعداد للنشر الإخراج ترافيس كار، وقامت مديرة المنشورات والمعلومات غرايس تشوي بتصميم الصور وإخراجها. أعدّ المنتج والمحرر إيلي كيلي في فريق الوسائط المتعددة، الفيديو المصاحب للتقرير.
نحن ممتنون للمهاجرين الإثيوبيين وأصدقائهم وأسرهم الذين كانوا على استعداد لمشاركتنا تجاربهم، بما في ذلك القصص الشخصية المأساوية.
[1] International Organization for Migration, Gendered Patterns of Women and Girls' Migration along the Eastern Corridor, December 2020, https://returnandreintegration.iom.int/en/resources/report/gendered-patterns-women-and-girls-migration-along-eastern-corridor (تم الاطلاع في 18 يوليو/تموز 2023).
[2] "إثيوبيون عرضة لانتهاكات على درب الهجرة الخليجي"، بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش، 15 أغسطس/آب 2019، https://www.hrw.org/ar/news/2019/08/15/332930.
[3] See “Saudi Arabia mine ban policy profile,” Landmine and Cluster Munition Monitor, http://www.the-monitor.org/en-gb/reports/2022/saudi-arabia/mine-ban-policy.aspx (تم الاطلاع في 11 أغسطس/آب 2023) ؛ and “Yemen mine action profile,” Landmine and Cluster Munition Monitor, http://www.the-monitor.org/en-gb/reports/2022/yemen/mine-action.aspx (تم الاطلاع في 11 أغسطس/آب 2023).
[4] “DTM Yemen - Flow Monitoring Datasets - December 2022,” International Organization for Migration Displacement Tracking Matrix datasets, December 2022, https://dtm.iom.int/datasets/dtm-yemen-flow-monitoring-datasets-december-2022 (تم الاطلاع في 10 يوليو/تموز 2023).
[5] “DTM Yemen - Flow Monitoring Datasets - July 2023,” International Organization for Migration Displacement Tracking Matrix datasets, July 2023, https://dtm.iom.int/datasets/dtm-yemen-flow-monitoring-datasets-July-2023 (تم الاطلاع في 14 أغسطس/آب 2023).
[6] [6] “DTM Yemen - Flow Monitoring Datasets – January – December 2022,” International Organization for Migration Displacement Tracking Matrix datasets, December 2022, https://dtm.iom.int/datasets/dtm-yemen-flow-monitoring-datasets-december-2022 (تم الاطلاع في 10 يوليو/تموز 2023).
[7] قالت الغالبية العظمى (قلة منهم كانوا على اتصال) ممن قوبلوا إنهم لم يتواصلوا مع المُهرِّبين الإثيوبيين داخل إثيوبيا.
[8] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع حمدية، 2 مارس/آذار 2023.
[9] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع ريشان، 23 يناير/كانون الثاني 2023 ومع بونا، 26 يناير/كانون الثاني 2023.
[10] للمزيد من المعلومات عن النزاع المسلح في تيغراي، انظر صفحة "إثيوبيا" على موقع هيومن رايتس ووتش، https://www.hrw.org/africa/ethiopia.
[11] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع ياماني، 16 مارس/آذار 2023.
[12] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع حمدية، 2 مارس/آذار 2023.
[13] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع دهابو، 12 يناير/كانون الثاني 2023.
[14] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع باتي، 16 يناير/كانون الثاني 2023.
[15] مناطق توطين غير رسمية يستخدمها المُهرِّبون لإبقاء المهاجرين قبل محاولات عبور الحدود.
[16] The Regional Mixed Migration Secretariat, “Desperate choices:” Conditions, risks & protection failure affecting Ethiopian migrants in Yemen, October 2012, https://mixedmigration.org/resource/desperate-choices/ (تم الاطلاع في 10 يوليو/تموز 2023)؛ Mixed Migration Centre, Captive commodities “This route is like a fire,” March 2023 https://mixedmigration.org/wp-content/uploads/2023/03/Captive-Commodities-Ethiopians-on-Eastern-migration-route.pdf (تم الاطلاع في 10 يوليو/تموز 2023).
[17] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع ديستا، 6 فبراير/شباط 2023.
[18] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع حمزة، 22 فبراير/شباط 2023.
[19] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع تَيّا، 8 أبريل/نيسان 2023.
[20] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع لينشو، 18 أبريل/نيسان 2023.
[21] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع بِرهي، 13 مارس/آذار 2023.
[22] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع هابين، 15 مارس/آذار 2023.
[23] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع مرهاوي، 23 فبراير/شباط 2023.
[24] "دوريات المجاهدين خط خلفي لدعم القوات السعودية"، مقطع فيديو، العربية، 2017، يوتيوب، https://www.youtube.com/watch?v=JPSBccG_2JM&t=12s (تم الاطلاع في 11 أغسطس/آب 2023).
[25] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع إيفتو، 13 يناير/كانون الثاني 2023.
[26] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع إيفتو، 13 يناير/كانون الثاني 2023.
[27] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع أبدي، 24 يناير/كانون الثاني 2023.
[28] هيومن رايتس ووتش، "معسكرات التعذيب في اليمن: إساءة المُتجِرين بالبشر إلى المهاجرين مع الإفلات من العقاب"، 25 مايو/أيار 2014، https://www.hrw.org/ar/report/2014/05/26/256553.
[29] هيومن رايتس ووتش، "إثيوبيون عرضة لانتهاكات على درب الهجرة الخليجي: إتجار واستغلال وتعذيب وظروف احتجاز مسيئة"، 15 اغسطس/آب 2019، https://www.hrw.org/ar/news/2019/08/15/332930.
[30] هيومن رايتس ووتش، "اليمن: الحوثيون يقتلون ويطردون مهاجرين إثيوبيين، السعوديون يطلقون النار على الناجين ويحتجزون المئات في ظروف مروعة"، 13 اغسطس/آب 2020، https://www.hrw.org/ar/news/2020/08/13/376063.
[31] رسالة مشتركة من المقرر الخاص المعني بحالات الإعدام خارج القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفا، والفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، والمقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان للمهاجرين، المقرر الخاص المعني بالاتجار بالأشخاص، لا سيما النساء والأطفال، والمقرر الخاص المعني بمسألة العنف ضد النساء والفتيات وأسبابه وعواقبه، والفريق العامل المعني بالتمييز ضد النساء والفتيات إلى حكومة السعودية، 3 أكتوبر/تشرين الأول 2022،https://spcommreports.ohchr.org/TMResultsBase/DownLoadPublicCommunicationFile?gId=27562 (تم الاطلاع في 10 يوليو/تموز 2023).
[32] “Deaths on Migration Routes in MENA Highest since 2017: IOM 2022 Data Reveals,” International Organization for Migration’s Missing Migrant Project news release, June 13, 2023, https://www.iom.int/news/deaths-migration-routes-mena-highest-2017-iom-2022-data-reveals (تم الاطلاع في 10 يوليو/تموز 2023).
[33] تحليل من أعضاء الفريق المستقل لخبراء الطب الشرعي، وهي مجموعة دولية مكونة من 42 خبيرا شرعيا بتنسيق من "المجلس الدولي لإعادة تأهيل ضحايا التعذيب"، أغسطس/آب 2023.
[34] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع حمدية، 2 مارس/آذار 2023.
[35] السابق.
[36] إليونورا أردماغني: "العسكرة على الحدود السعودية-اليمنية"، مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، 10 يناير/كانون الثاني 2020، https://carnegieendowment.org/sada/80752 (تم الاطلاع في 10 يوليو/تموز 2023).
[37] Helene Cooper, Thomas Gibbons-Neff, and Eric Schmitt, “Army Special Forces Secretly Help Saudis Combat Threat From Yemen Rebels,” New York Times, May 3, 2018, https://www.nytimes.com/2018/05/03/us/politics/green-berets-saudi-yemen-border-houthi.html?smid=nytcore-ios-share&referringSource=articleShare (تم الاطلاع في 10 يوليو/تموز 2023).
[38] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع دهبو، 12 يناير/كانون الثاني 2023.
[39] السابق.
[40] السابق.
[41] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع إفتو، 13 يناير/كانون الثاني 2023.
[42] السابق.
[43] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع إفتو، 13 يناير/كانون الثاني 2023.
[44] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع هدية، 16 يناير/كانون الثاني 2023.
[45] السابق.
[46] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع هانا، 19 يناير/كانون الثاني 2023.
[47] لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من تحديد الموقع المعروف باسم "الماي". من المحتمل أن يكون هذا هو المصطلح الذي يستخدمه المهاجرون الإثيوبيون للإشارة إلى مواقع محددة على طريق العبور الحدودي.
[48] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع ديستا، 6 فبراير/شباط 2023.
[49] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع بلال، 20 فبراير/شباط 2023.
[50] السابق.
[51] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع حمزة، 22 فبراير/شباط 2023.
[52] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع منيرة، 3 يونيو/حزيران 2023.
[53] تحليل من أعضاء الفريق المستقل لخبراء الطب الشرعي، وهي مجموعة دولية مكونة من 42 خبيرا شرعيا بتنسيق من "المجلس الدولي لإعادة تأهيل ضحايا التعذيب" (IRCT)، أغسطس/آب 2023.
[54] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع منيرة، 3 يونيو/حزيران 2023.
[55] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع أمانويل، 3 أبريل/نيسان 2023.
[56] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع أمانويل، 13 مارس/آذار 2023.
[57] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع بيرهي، 13 مارس/آذار 2023.
[58] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع سعيد، 14 مارس/آذار 2023.
[59] تحليل من أعضاء الفريق المستقل لخبراء الطب الشرعي(IFEG)، وهي مجموعة دولية مكونة من 42 خبيرا شرعيا بتنسيق من "المجلس الدولي لإعادة تأهيل ضحايا التعذيب" (IRCT)، أغسطس/آب 2023.
[60] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع مرهاوي، 6 مارس/آذار 2023.
[61] السابق.
[62] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع فامي، 7 فبراير/شباط 2023.
[63] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع جمال، 27 يناير/كانون الثاني 2023.
[64] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع فامي، 7 فبراير/شباط 2023.
[65] مقابلات هيومن رايتس ووتش هاتفيا مع ممثلين عن منظمات إنسانية، مايو/أيار ويونيو/حزيران 2023.
[66] مقابلات هيومن رايتس ووتش هاتفيا مع ممثلين عن منظمات إنسانية عاملة في اليمن، مايو/أيار ويونيو/حزيران 2023.
[67] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع نور الدين، 23 يناير/كانون الثاني 2023، ومع فامي، 7 فبراير/شباط 2023.
[68] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع يوسف، 11 فبراير/شباط 2023.
[69] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع نور الدين، 23 يناير/كانون الثاني 2023.
[70] تحليل من أعضاء الفريق المستقل لخبراء الطب الشرعي(IFEG)، وهي مجموعة دولية مكونة من 42 خبيرا شرعيا بتنسيق من "المجلس الدولي لإعادة تأهيل ضحايا التعذيب"، أغسطس/آب 2023.
[71] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع فامي، 7 فبراير/شباط 2023.
[72]السابق.
[73] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع كيروس، 9 مارس/آذار 2023.
[74] السابق.
[75] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع غيبري، 23 مارس/آذار 2023.
[76] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع حمدية، 2 مارس/آذار 2023.
[77] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع أوول، 21 فبراير/شباط 2023.
[78] السابق.
[79]السابق.
[80] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع أمانويل، 3 أبريل/نيسان 2023.
[81]السابق.
[82] قال جوهور (17 عاما) إن حرس الحدود أجبروه وأربعة "رجال" آخرين على اغتصاب فتاتين تبلغان من العمر 15 عاما، لكنه لم يكن بالغا في ذلك الوقت وأعمار "الرجال" الآخرين غير واضحة في شهادته.
[83] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع جوهور، 30 يناير/كانون الثاني 2023.
[84] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع كيروس، 9 مارس/آذار 2023.
[85] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع إفتو، 13 يناير/كانون الثاني 2023.
[86] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع نور الدين، 23 يناير/كانون الثاني 2023.
[87] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع منيرة، 3 يونيو/حزيران 2023.
[88] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع بونا، 26 يناير/كانون الثاني 2023.
[89]"موقف مفوضية اللاجئين من العودة إلى ليبيا"، مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مارس/آذار 2022، https://www.refworld.org/cgi-bin/texis/vtx/rwmain/opendocpdf.pdf?reldoc=y&docid=628f4aad4 (تم الاطلاع في 10 يوليو/تموز 2023).
[90] السابق.
[91] "موقف مفوضية اللاجئين من العودة إلى ليبيا"، مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مارس/آذار 2022، https://www.refworld.org/cgi-bin/texis/vtx/rwmain/opendocpdf.pdf?reldoc=y&docid=628f4aad4 (تم الاطلاع في 10 يوليو/تموز 2023).
[92] لمزيد من المعلومات عن برنامج المساعدة على العودة الطوعيّة الإنسانية التابع للمنظمة الدوليّة للهجرة، انظر: “Movement Assistance,” IOM, undated, https://www.iom.int/movement-assistance (تم الاطلاع في 21 أغسطس/آب 2023).
[93] لمزيد من تغطية هيومن رايتس ووتش لإثيوبيا، انظر "إثيوبيا" على موقع البلدان الخاص بـ هيومن رايتس ووتش، https://www.hrw.org/africa/ethiopia.
[94] “Ethiopia: Eritrean Forces Massacre Tigray Civilians,” Human Rights Watch news release, March 5, 2021, https://www.hrw.org/news/2021/03/05/ethiopia-eritrean-forces-massacre-tigray-civilians; “I Always Remember That Day”: Access to Services for Survivors of Gender-Based Violence in Ethiopia’s Tigray Region, November 9, 2021, https://www.hrw.org/report/2021/11/09/i-always-remember-day/access-services-survivors-gender-based-violence-ethiopias; “Ethiopia: Unlawful Shelling of Tigray Urban Areas,” February 11, 2021, https://www.hrw.org/news/2021/02/11/ethiopia-unlawful-shelling-tigray-urban-areas; “Ethiopia: Airstrike on Camp for Displaced Likely War Crime,” March 24, 2022, https://www.hrw.org/news/2022/03/24/ethiopia-airstrike-camp-displaced-likely-war-crime
[95] Human Rights Watch, “We Will Erase You from This Land”: Crimes Against Humanity and Ethnic Cleansing in Ethiopia’s Western Tigray Zone, April 6, 2022, https://www.hrw.org/report/2022/04/06/we-will-erase-you-land/crimes-against-humanity-and-ethnic-cleansing-ethiopias.
[96] “Ethiopia: Tigray Forces Summarily Execute Civilians,” Human Rights Watch news release, December 9, 2021, https://www.hrw.org/news/2021/12/10/ethiopia-tigray-forces-summarily-execute-civilians; “Ethiopia: Tigrayan forces murder, rape and pillage in attacks on civilians in Amhara towns,” Amnesty International news release, February 16, 2022, https://www.amnesty.org/en/latest/news/2022/02/ethiopia-tigrayan-forces-murder-rape-and-pillage-in-attacks-on-civilians-in-amhara-towns/.
[97] “Conflicts, attacks in Oromia, security situation in Amhara regions ‘extremely concerning’ says EHRC in annual report,” Addis Standard, July 12, 2023, https://addisstandard.com/news-conflicts-attacks-in-oromia-security-situation-in-amhara-regions-extremely-concerning-says-ehrc-in-annual-report/ (تم الاطلاع في 11 أغسطس/آب 2023).
[98] "قتل اللاجئين والمهاجرين غير المشروع – تقرير المقررة الخاصة لمجلس حقوق الإنسان المعنية بحالات الإعدام خارج القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفا" (A/72/335)، 15 أغسطس/آب 2017، https://reliefweb.int/report/world/unlawful-death-refugees-and-migrants-report-special-rapporteur-human-rights-council (تم الاطلاع في 10 يوليو/تموز 2023).
[99] "تقرير المقرر الخاص المعني بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفا، السيد كريستوف هاينز" (A/HRC/26/36)، 1 أبريل/نيسان 2014، https://digitallibrary.un.org/record/771922?ln=en (تم الاطلاع في 11 أغسطس/آب 2023).
[100] السابق.
[101]"قتل اللاجئين والمهاجرين غير المشروع – تقرير المقررة الخاصة لمجلس حقوق الإنسان المعنية بحالات الإعدام خارج القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفا" (A/72/335)، 15 أغسطس/آب 2017، https://reliefweb.int/report/world/unlawful-death-refugees-and-migrants-report-special-rapporteur-human-rights-council (تم الاطلاع في 10 يوليو/تموز 2023).
[102] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع إفتو، 13 يناير/كانون الثاني 2023.
[103] History of the United Nations War Crimes Commission and the Development of the Laws of War(1943), p. 179, quoted in Rodney Dixon, "Crimes against humanity," in Commentary on the Rome Statute of the International Criminal Court O. Triffterer, ed.) (1999), p. 123.
[104] نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (نظام روما)، A/CONF.183/9، 17 يوايو/تموز 1998، دخل حيز النفاذ في 1 يوليو/تموز 2002، https://www.ohchr.org/ar/instruments-mechanisms/instruments/rome-statute-international-criminal-court (تم الاطلاع في 10 يوليو/تموز 2023)، المادة 7.
[105] Prosecutor v. Jean-Paul Akayesu, International Criminal Tribunal for Rwanda (Appeals Chamber), Case ICTR-96-4-A, ICTR Trial Chamber, September 2, 1998, para. 579; Kordic&Cerkez, International Criminal Tribunal for the Former Yugoslavia (ICTY), Case IT-95-14/2, ICTY Trial Chamber, February 26,2001, para. 179; TheProsecutor v. Clement Kayishema and ObedRuzindana, International Criminal Tribunal for Rwanda, Case ICTR-95-1-A, ICTR Trial Chamber, May 21, 1999, para. 123.
[106] Prosecutor v. Kunarac, International Criminal Tribunal for the Former Yugoslavia (ICTY),Case ICTY-96-23/1 A, Appeals Chamber, June 12, 2022, para. 98.
[107] رسالة مشتركة من المقرر الخاص المعني بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفا، والفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، والمقرر الخاص المعني بحقوق المهاجرين، والمقرر الخاص المعني بالإتجار بالبشر، وبخاصة النساء والأطفال، والمقرر الخاص المعني بالعنف ضدّ النساء والفتيات وأسبابه وعواقبه، والفريق العامل المعني بالتمييز ضدّ النساء والفتيات إلى الحكومة السعوديّة [بالإنغليزية]، 3 أكتوبر/تشرين الأول 2022، https://spcommreports.ohchr.org/TMResultsBase/DownLoadPublicCommunicationFile?gId=27562 (تم الاطلاع في 10 يوليو/تموز 2023).
[108] السابق.
[109] رسالة من الوفد الدائم للحكومة السعوديّة في جنيف إلى المقرر الخاص المعني بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء وبإجراءات موجزة وتعسفا، والفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، والمقرر الخاص المعني بحقوق المهاجرين، والمقرر الخاص المعني بالإتجار بالبشر، وبخاصة النساء والأطفال، والمقرر الخاص المعني بالعنف ضدّ النساء والفتيات وأسبابه وعواقبه، والفريق العامل المعني بالتمييز ضدّ النساء والفتيات [بالإنغليزية]، 2 مارس/آذار 2023، https://spcommreports.ohchr.org/TMResultsBase/DownLoadFile?gId=37408 (تم الاطلاع في 10 يوليو/تموز 2023).
[110] اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (اتفاقية مناهضة التعذيب)، اعتُمدت في 10 ديسمبر/كانون الأول 1984، قرار الجمعيّة العامة رقم 39/46، 39 U.N. GAOR Supp. (No. 51) at 197, U.N. Doc. A/39/51 (1984)، دخلت حيز النفاذ في 26 يونيو/حزيران 1987، https://www.ohchr.org/ar/instruments-mechanisms/instruments/convention-against-torture-and-other-cruel-inhuman-or-degrading (تم الاطلاع في 11 أغسطس/آب 2023). تنصّ المادة 1 على ما يلي: "لأغراض هذه الاتفاقية، يُقصد بالتعذيب "أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد جسديا كان أم عقليا، يلحق عمدا بشخص ما بقصد الحصول من هذا الشخص، أو من شخص ثالث، على معلومات أو على اعتراف، أو معاقبة على عمل ارتكبه أو يُشتبه في أنه ارتكبه هو أو شخص ثالث، أو تخويفه أو إرغامه هو أو أي شخص ثالث – أو عندما يلحق مثل هذا الألم أو العذاب لأي سبب يقوم على التمييز أيا كان نوعه، أو يحرّض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسمي أو أي شخص يتصرّف بصفته الرسمية ولا يتضمّن ذلك الألم أو العذاب الناشئ فقط عن عقوبات قانونيّة أو الملازم لهذه العقوبات أو الذي يكون نتيجة عرضيّة لها.
[111] اتفاقية مناهضة التعذيب.
[112] العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنيّة والسياسيّة، اعتُمد في 16 ديسمبر/كانون الأول 1966، قرار الجمعيّة العامة رقم 2200A (XXI)، 21 U.N. GAOR Supp. (No. 16) at 52, U.N. Doc. A/6316 (1966), 999 U.N.T.S. 171، دخل حيز النفاذ في 23 مارس/آذار 1976.
[113] "قتل اللاجئين والمهاجرين غير المشروع – تقرير المقررة الخاصة لمجلس حقوق الإنسان المعنيّة بحالات الإعدام خارج القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسّفا"، (A/72/335)، 15 أغسطس/آب 2017، https://reliefweb.int/report/world/unlawful-death-refugees-and-migrants-report-special-rapporteur-human-rights-council (تم الاطلاع في 10 يوليو/تموز 2023).
[114] بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص، وبخاصة النساء والأطفال، المكمّل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية"، اعتُمد في 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، قرار الجمعية العامة رقم 55/25, annex II, 55 U.N. GAOR Supp. (No. 49) at 60, U.N. Doc. A/45/49 (Vol. I) (2001)، دخل حيز النفاذ في 25 ديسمبر/كانون الأول 2003، https://www.ohchr.org/ar/instruments-mechanisms/instruments/protocol-prevent-suppress-and-punish-trafficking-persons (تم الاطلاع في 11 أغسطس/آب 2023).
[115] السابق.
[116] "مبادئ الأمم المتحدة الأساسية بشأن الحق في الانتصاف والجبر لضحايا الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي"، 21 مارس/آذار 2006، http://hrlibrary.umn.edu/arabic/BPGRRRVGVIHRLS.pdf (تم الاطلاع في 18 يوليو/تموز 2023).
[117] International Commission of Jurists, “The Right to a Remedy and Reparation for Gross Human Rights Violations, A Practitioner's Guide,” Revised Edition, 2018,https://www.icj.org/wp-content/uploads/2018/11/Universal-Right-to-a-Remedy-Publications-Reports-Practitioners-Guides-2018-ENG.pdf (تم الاطلاع في 18 يوليو/تموز 2023)، ص 52-84؛ Theo van Boven, "Victims' Right to a Remedy and Reparation: The New United Nations Principles and Guidelines,” https://www.corteidh.or.cr/tablas/r26214.pdf (تم الاطلاع في 18 يوليو/تموز 2023)، ص 22.
[118] مبادئ الأمم المتحدة الأساسية بشأن الحق في الانتصاف والجبر، المبدأ 8.
[119] International Commission of Jurists, "The Right to a Remedy and Reparation for Gross Human Rights Violations, A Practitioner's Guide," Revised Edition, 2018, pp. 156