- يشكل العمال الوافدون 88% من سكان الإمارات، وغالبا ما يأتون من بلدان معرّضة لخطر التغير المناخي. العمال في الإمارات يتعرضون لمخاطر مناخية متصاعدة، لا سيما الحرارة الشديدة، المرتبطة بالأضرار الصحية المزمنة وحتى الوفاة.
- الانتهاكات العمالية المتفشية، كرسوم التوظيف الباهظة وسرقة الأجور، تحد من قدرة العمال على إرسال الدعم المالي إلى أوطانهم، في أوضاع تشمل الأحوال الجوية المتطرفة المرتبطة بالمناخ.
- هذه الانتهاكات في الإمارات، التي تستضيف مؤتمر "كوب 28" المناخي المقبل، تُساهم في الظلم المناخي بطرق عدة.
- على الحكومات التي تحضر المؤتمر الضغط على الإمارات لإجراء إصلاحات عماليّة، وعلى الدول تقديم الدعم للمجتمعات المعرضة لآثار تغير المناخ في دول مثل نيبال وبنغلاديش وباكستان.
(بيروت) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن العمال الوافدين في الإمارات معرضون لمخاطر مناخية متصاعدة، لا سيما العمل في درجات حرارة شديدة دون حماية كافية، ما قد يسبب أضرارا مزمنة لصحتهم. بالإضافة إلى ذلك، يواجه العمال الوافدون انتهاكات عمالية أخرى متفشية، مثل سرقة الأجور ورسوم التوظيف الباهظة التي قيّدت قدرتهم على إعالة أسرهم في أوطانهم، بما في ذلك أثناء الأحوال الجوية المتطرفة المرتبطة غالبا بتغير المناخ. تحدث هذه الانتهاكات في سياق يغذي فيه أزمة المناخ كلٌّ من الإمارات ودول أخرى من كبار منتجي غازات الدفيئة عبر التاريخ. الإمارات واحدة من أكبر منتجي النفط في العالم ومن بين أعلى الدول المنتجة لانبعاثات الغازات الدفيئة للفرد.
على الحكومات الضغط على الإمارات، التي تستضيف "مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغيّر المناخ" (كوب 28)، من أجل تعزيز الحماية العمالية للعمال الوافدين، الذين يشكلون أكثر من 88% من سكان البلاد، للتصدي لهذه الانتهاكات. ينبغي للحكومات الأكثر مسؤولية عن تغير المناخ، كالإمارات، وشركات النفط الخاصة الكبرى، أن تقدم الدعم، بما فيه التمويل المخصص للمناخ، إلى المجتمعات في البلدان المتأثرة بتغيّر المناخ مثل نيبال وبنغلاديش وباكستان التي كانت أكثر المتضررين من التغيّر المناخي. على جميع الدول والشركات أيضا التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري الذي يؤدي إلى أزمة المناخ.
قال مايكل بَيْج، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "العمال الوافدون المقيمون في الإمارات ومجتمعاتهم في أوطانهم هم من بين أقلّ من يساهم في أزمة المناخ، لكنهم في كثير من الأحيان الأكثر تعرضا لأضرار المناخ ويعانون في التعامل معها. لا تساهم الإمارات في أزمة المناخ باعتبارها واحدة من أكبر منتجي الوقود الأحفوري في العالم فحسب، بل إن انتهاكاتها الراسخة بحق العمال وعدم كفاية الحماية التي تقدمها من الحرارة تساهم في الظلم المناخي بطرق متعددة".
أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع 73 عاملا حاليا وسابقا في الإمارات و42 عائلة لعمال وافدين حاليين بين مايو/أيار وسبتمبر/أيلول 2023 من باكستان وبنغلاديش ونيبال. يعيش 94 شخصا أجريت معهم مقابلات في مناطق تواجه أصلا العواقب المدمرة لأزمة المناخ، أو ينحدرون منها، حيث تربط الدراسات العلمية بين الأحوال الجوية المتطرفة، مثل الفيضانات والأعاصير وتملح الأراضي الزراعية، وتغير المناخ. بالإضافة إلى ذلك، كان العمال السابقون والحاليون الذين قابلناهم يعملون في وظائف في الهواء الطلق مثل البناء والتنظيف والزراعة ورعي الحيوانات والأمن، وكانوا غالبا معرّضين لحرارة الإمارات الشديدة، والتي تتزايد أيضا بسبب تغير المناخ.
تشكل الحرارة الشديدة خطرا صحيا كبيرا، إذ يمكن أن تكون قاتلة أو لها عواقب مدى الحياة. يمكن أن تؤدي الحرارة إلى تفاقم الحالات الصحية الموجودة مسبقا، وإضعاف الوظائف الإدراكية، وزيادة خطر الإصابات في مكان العمل. كما يمكن أن تتسبب بالطفح الحراري والإجهاد الحراري وضربة الحرّ. مع ذلك، تقاعست الإمارات عن حماية العمال من هذه المخاطر، ولا تزال تعتمد على حظر العمل الاعتباطي والمحدد مسبقا في منتصف النهار في أشهر الصيف بدلا من المعايير الأكثر فعالية القائمة على المخاطر، مثل "مؤشر الحرارة لجهاز البُصيلة الرّطبة الكرويّة" (WBGT)، وتطبيق المبادئ التوجيهية القائمة على الأدلة التي تفرض التوقف عن العمل عندما تصبح الظروف خطيرة.
قال حارس أمن يعمل في الهواء الطلق: "أغمي عليّ عدة مرات بسبب الحرارة. أتعرق بغزارة ويحترق وجهي بالكامل. عيون المشرف التي تراقبنا تخيفنا. كان لدي قروض [توظيف] يجب سدادها، ولم أتمكن من سدادها. لم أكن قادرا على تحمل عواقب طردي. لذا، ضغطت على نفسي".
لا غنى عن العمال الوافدين المقيمين في الإمارات في تعزيز تكيّف الإمارات مع الحرارة الشديدة المتزايدة في البلاد. قال فني تكييف باكستاني موجود الآن في باكستان: "الحرارة المفرطة [في الإمارات] تجعل العيش دون تكييف مستحيلا. إصلاح المكيّفات يشبه حالة الطوارئ. يطالب الزبائن بإصلاحات سريعة". قال إنه كان يعمل 14 ساعة يوميا في الحرّ دون تأمين صحي، ودون إجازات مرضية مدفوعة، وواجه خصما إضافيا من الراتب عن الأيام التي كان مريضا فيها لدرجة أنه لم يتمكن من العمل.
قالت هيومن رايتس ووتش إن السلطات الإماراتية تحمّل عبء المخاطر المناخية للعمال الوافدين، الذين يتعرضون بشكل غير متناسب للحرارة الشديدة، إذ لا تضمن توافر حماية كافية وتعيد العمال الذين يواجهون أضرارا صحية خطيرة إلى بلدانهم دون تعويض.
أظهرت دراسات عدة ارتفاع معدل إصابات الكلى لدى العمال الذين يعملون في الهواء الطلق ويتعرضون لبيئات شديدة الحرارة، منهم العمال الوافدون العائدون، وهو ما قد يكون له أثر مدمر على العمال الوافدين وأسرهم. قال مريض غسيل كلى نيبالي عاد من الإمارات ولديه فشل كلوي في المرحلة النهائية: "لو لم تكن حكومة نيبال تقدم خدمة غسيل الكلى مجانا، لما بقي المرضى مثلنا الذين لا يملكون المال على قيد الحياة". التكاليف المتبقية المرتبطة بالعلاج قد تكون كبيرة.
بالإضافة إلى الحماية غير الكافية من الحرارة، يتعرض العمال الوافدون أيضا لانتهاكات عمالية خطيرة، مثل سرقة الأجور ورسوم التوظيف الباهظة، ما يؤثر على قدرتهم على إرسال التحويلات المالية إلى أوطانهم. ترتكز هذه الانتهاكات على نظام الكفالة المسيء بطبيعته، الذي يربط تأشيرات العمل بأصحاب العمل ويعرّض العمال لمخاطر كبيرة عبر إجراءات تشمل تقييد تغيير الوظائف ومصادرة جوازات السفر. تحظر الإمارات أيضا النقابات العمالية، ما يقيّد قدرة العمال على المطالبة بحماية عمالية أقوى.
أظهرت أبحاث هيومن رايتس ووتش ودراسات أكاديمية أن التحويلات المالية لطالما كانت مصدر دخل بالغ الأهمية لأسر العمال الوافدين. مثلا، بنغلاديش وباكستان من بين أكبر عشرة متلقين للتحويلات المالية في العالم. تكتسب التحويلات أهمية خاصة أثناء حالات الطوارئ والركود الاقتصادي، التي تشمل الظواهر الجوية الأكثر خطورة المرتبطة بالمناخ. يمكن للتحويلات المالية المساعدة في الحد من تعرض أسر العمال الوافدين للصدمات الاقتصادية وتلبية الاحتياجات الأساسية مثل الغذاء. التحويلات المالية ليست حلا سحريا ولا بديلا عن مسؤوليات الدول في دعم المجتمعات المتضررة بشدة من أزمة المناخ.
نظرا لأن العديد من العمال يقعون ضحايا للانتهاكات الشائعة مثل رسوم التوظيف الباهظة، وانتهاكات العقود، والتأشيرات الاحتيالية، وسرقة الأجور، فإنهم مقيدون أيضا في إرسال التحويلات المالية الضرورية إلى أوطانهم.
نزح والد عامل وافد مقيم في الإمارات بسبب فيضانات باكستان عام 2022، المرتبطة بتغير المناخ بحسب دراسة أجرتها "وورلد ويثير أتربيوشين". قال لـ هيومن رايتس ووتش إنه بسبب ديون رسوم التوظيف المستحقة على ابنه، لم يتمكن ابنه من إرسال تحويلات مالية. "لو تمكن [ابني] من إرسال بعض المال إلينا، لكان ذلك خفّف العبء عنا من خلال تمكيننا من شراء الطعام والمأوى..." أضاف: "واقعيا، لا نتوقع الدعم منه؛ أملنا الأساسي هو أن يسدد [على الأقل] ديون التوظيف".
وصف الأشخاص الذين أجريت معهم مقابلات في المجتمعات المعرضة لآثار تغير المناخ كيف أدت الأحوال الجوية القاسية والظواهر بطيئة الحدوث إلى تكاليف اقتصادية واجتماعية هائلة، منها تدمير المنازل، وقتل الماشية، وتدمير الأراضي الزراعية، وفقدان سبل العيش على نطاق واسع.
من المتوقع أن تتزايد هذه التأثيرات. خلصت "الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ" إلى أن المناخ الأكثر سخونة في جنوب آسيا يزيد تواتر، وشدة، ومدة موجات الحر والأمطار الشديدة ومختلف أشكال ندرة المياه، من بين المخاطر المناخية الأخرى، رغم المساهمة الضئيلة لهذه البلدان في انبعاثات الغازات الدفيئة عالميا: بنغلاديش 0.48%، وباكستان 0.98%، ونيبال 0.10%.
قال بَيْج: "التحويلات المالية ليست حلا لجميع التحديات التي تواجهها أسر العمال الوافدين، وينبغي ألا تُعتبر بديلا للتخطيط المناسب للتكيف مع المناخ. مع ذلك، يظل الدخل من التحويلات المالية مصدرا ماليا مهما، كما أن رسوم التوظيف الباهظة وسرقة الأجور تحرم العمال الوافدين المقيمين في الإمارات من مستحقاتهم المالية، بما في ذلك أثناء حالات الطوارئ المناخية التي تهدد الحياة".
خلفية عن هجرة العمالة من جنوب آسيا إلى الإمارات
تعتبر هجرة اليد العاملة استراتيجية طويلة الأمد لدعم سبل العيش في بلدان مثل بنغلاديش وباكستان ونيبال، حيث يسعى الناس للحصول على فرص أفضل لتحقيق الدخل. تعتبر التحويلات المالية ضرورية للعائلات في البلدان الأصلية لتغطية النفقات الضرورية كالغذاء والصحة والتعليم. تعادل التحويلات المالية ربع الناتج المحلي الإجمالي لنيبال، في حين تُعدّ باكستان وبنغلاديش من بين أكبر عشرة متلقين للتحويلات على مستوى العالم.
وفقا للإحصائيات الحكومية من بنغلاديش وباكستان ونيبال، في 2022 مثلا، سافر أكثر من 100 ألف بنغلاديشي، و122 ألف نيبالي، و128 ألف باكستاني للعمل إلى الإمارات وحدها. تعود جذور التوظيف الجماعي للعمال الوافدين في الإمارات إلى الزيادة الهائلة في الثروة الوطنية الناتجة عن صناعة الوقود الأحفوري التي مكنت التحول السريع والطموح في الإمارات على مدى العقود القليلة الماضية.
الفقر والتركيبة السكانية وعدم الاستقرار السياسي كلها عوامل تؤدي إلى الهجرة. كما لاحظت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، فإن الهجرة والنزوح المرتبطان بتغير المناخ يحدثان إلى حد كبير داخل البلدان وعبر الحدود إلى البلدان المجاورة. يؤدي تغير المناخ أيضا إلى تفاقم دوافع الهجرة على طول مسارات الهجرة القائمة، مثلا من جنوب آسيا إلى الخليج، رغم أن عزل تأثير تغير المناخ عن دوافع الهجرة الأخرى يعتبر تحديا.
ركزت هيومن رايتس ووتش أبحاثها على المجتمعات المعرضة للمخاطر المناخية والتي لديها أيضا تاريخ من هجرة العمالة إلى دول الخليج مثل الإمارات.
نقص الحماية الكافية من الحرارة الشديدة
تواجه الإمارات نفسها، رغم مساهمتها في أزمة المناخ، مخاطر مناخية خطيرة، بما في ذلك الحرارة الشديدة. قالت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ إن "مؤشر الحرارة لجهاز البُصيلة الرّطبة الكرويّة في دول الخليج من المتوقع أن تقترب، وربما تتجاوز، الحدّ الفسيولوجي لقدرة الإنسان على التكيف (35 درجة مئوية) بحلول نهاية القرن". أشارت دراسات وتوقعات متعددة إلى تصاعد مخاطر الحرارة الشديدة في الإمارات في السنوات الأخيرة بسبب تغير المناخ.
يتأثر العمال الوافدون بشكل غير متناسب بمخاطر الحرارة الشديدة المتزايدة. في حين أن "تقييم مخاطر المناخ" في الإمارات يقر بأن العاملين في الأماكن المكشوفة هم من بين الأكثر عرضة للأمراض المرتبطة بالحرارة، بما في ذلك مخاطر الوفاة، إلا أنهم لا يزالون يعتمدون فقط على حظر العمل غير الفعال في منتصف النهار في الصيف كإجراء أساسي للحماية من الحرارة رغم وجود أدلة قوية على عدم كفايته. وجدت دراسة أجريت في الكويت زيادة كبيرة في خطر الإصابات المهنية المرتبطة بدرجات الحرارة المرتفعة للغاية، رغم الحظر. وجدت دراسة أخرى أن شدة الحرارة على العمال في السعودية تبلغ ذروتها بين الساعة 9 صباحا حتى الظهر، بينما يسري الحظر بين الظهر والـ3 مساء.
قال العمال إنه جزء من روتينهم اليومي يتضمن إفراغ العرق من أحذيتهم وعصر العرق من ملابسهم عدة مرات في اليوم. قال عامل في الإمارات: "[حتى] باستثناء هذه الساعات الثلاثة... الهواء حار كالنار". قال أحد حراس الأمن: "حتى بعد الساعة 3 بعد الظهر، يظل الجو حارا بشكل لا يطاق. ليس لدينا خيار سوى العمل. ملابسنا نفسها تصبح ساخنة جدا لدرجة أنها تحترق".
تحدث العمال في الهواء الطلق عن نزيف في الأنف، ودوخة، وقيء، وإغماء بسبب الحرارة. قال أحد عمال النظافة الذين يعملون وهم معلقون بحبال: "عندما نشعر بالدوار في الحر الحارق، نطلب من زملائنا أن ينزلونا". قال عامل بناء آخر: "عندما يصبح الجو حارا جدا، تتوقف يدي عن العمل بشكل صحيح حيث تتشنج عضلاتي وتتصلب أكثر من اللازم".
قال عامل باكستاني لـ هيومن رايتس ووتش: "إذا أخذنا يوم إجازة، تخصم الشركة راتب ثلاثة أيام... وإذا قلنا شيئا أو لم نوافق... يهدد رئيس العمال بإلغاء تأشيراتنا والترتيب لترحيلنا".
بالإضافة إلى حظر النقابات العمالية، يعيق غموض الحكومة بشأن البيانات الصحية الأبحاث لغايات وضع السياسات استنادا إلى الأدلة، ويميل الأكاديميون والصحفيون إلى ممارسة الرقابة الذاتية لتجنب الأعمال الانتقامية. لا يوجد تشريع اتحادي يُلزم أصحاب العمل بتوفير التأمين الصحي للموظفين، في حين أن دبي وأبو ظبي فقط لديهما قوانين تأمين صحي إلزامية.
تضر درجات الحرارة الشديدة في الإمارات بصحة العمال الوافدين، لكن مع عدم كفاية الحماية الاجتماعية أو سبل الانتصاف للسكان المتضررين الذين يعودون إلى بلدانهم دون دعم، بما في ذلك المصابين بأمراض طويلة الأمد مثل الفشل الكلوي في المرحلة النهائية، يتحول عبء الرعاية إلى أنظمة الرعاية الصحية المنهكة في بلدان المهاجرين الأصلية.
أضرار إضافية تتمثل في سرقة الأجور على نطاق واسع ورسوم التوظيف الباهظة
في سياق تغير المناخ، يمكن أن يكتسب دور التحويلات المالية أهمية أكبر من خلال السماح للأسر بتنويع مصادر الدخل ومواصلة الحصول على الغذاء وغيره من الاحتياجات الأساسية.
لكن غالبا ما تكون قدرة العمال الوافدين على إرسال التحويلات المالية مقيدة بسبب انتهاكات الأجور واسعة النطاق ورسوم التوظيف الباهظة التي يواجهونها في الإمارات.
قال العمال الوافدون وأسرهم إن التحويلات المالية تستخدم في المقام الأول لتغطية نفقات الغذاء وتعليم الأطفال وسداد القروض. قالت عائلات العمال الوافدين الذين تأثروا بالظواهر الجوية القاسية إنهم احتاجوا بعد هذه الأحداث إلى أموال لإعادة بناء منازلهم وسداد القروض واستعادة سبل العيش.
قال ستة عمال وافدين فقط إنهم تمكنوا من إرسال دعم مالي إضافي خلال الأزمات المتعلقة بالمناخ مثل الفيضانات، وعادة ما يكون ذلك مجرد تحويل مالي إضافي لمرة واحدة. لم يتمكن العمال من القيام بذلك إلا بعد الاقتراض، أو خفض تكاليف المعيشة، أو العمل الإضافي. عندما يقترض العمال من شبكات مقرها الإمارات، يؤثر ذلك سلبا على التحويلات المستقبلية التي يرسلونها إلى أوطانهم. كما قال أحد الآباء الذي حصل على 200 ألف روبية باكستانية (705 دولارات) من ابنه بعد أن دمرت الفيضانات منزلهم، "إنه لا يزال يسدد القرض [الذي أخذه ليرسل حوالة إضافية] ولم يتمكن من إرسال أي دعم مالي إضافي بعد ذلك".
في الوقت نفسه اضطرت عائلته في باكستان سداد القروض لرسوم توظيف ابنهم والتي بلغت 700 ألف روبية باكستانية (2,452 دولار). قال: "المقرضون يضغطون علينا بلا هوادة لسداد الديون".
دفع جميع الذين قابلناهم، باستثناء شخص واحد، رسوم توظيف باهظة يمولونها في المقام الأول عن طريق قروض بأسعار فائدة سنوية باهظة تصل إلى 50% أو عن طريق بيع الأصول مثل الماشية. بالتالي، يخصص العمال نسبة كبيرة من رواتبهم فقط لسداد الديون، الأمر الذي قد يستغرق شهورا أو حتى سنوات.
يؤدي فخ الديون هذا إلى سلسلة من نقاط الضعف طوال فترة عمل العامل الوافد، بينما يقوض فوائد الهجرة. في الوطن، تعاني الأسر المثقلة بالديون أيضا ماليا وتتعرض لضغوط مستمرة من مقرضي الأموال.
يصف أحد العائدين البنغلاديشيين بشكل مناسب نقاط الضعف الناجمة عن فخ الديون: "... لا يستطيع العديد من البنغلاديشيين العودة حتى عندما يواجهون مشاكل في الإمارات أو لا يحصلون على أجورهم مقابل عملهم الشاق. لماذا؟ لأنهم باعوا كل شيء للذهاب إلى الإمارات".
رسوم التوظيف مرتفعة أيضا بالنسبة للعمال الحاصلين على تأشيرات "آزاد" المجانية، وهي ممارسة تقوم بموجبها الشركات أو الأفراد ببيع مخصصاتهم من التأشيرات إلى العمال من أجل الربح. وهي ممارسة غير قانونية، لكن العمال ينجذبون إلى حرية عدم الارتباط بصاحب عمل واحد رغم أنهم يدفعون في كثير من الأحيان رسوم توظيف أعلى بكثير.
قال والد عامل وافد مقيم في الإمارات يحمل تأشيرة آزاد لمدة سبعة أشهر إن ابنه لم يرسل سوى 20 ألف روبية باكستانية (70 دولار) نظرا لارتفاع تكاليف المعيشة وصعوبات العثور على عمل في دبي. قال وهو يعاني من الفيضانات: "ابني هو بصيص الأمل الوحيد لدينا... وكثيرا ما يطمئنني ويقول: ’أبي، لدي إيمان بأنني سأجد عملا في يوم من الأيام وأدعمك‘. هذا الأمل هو الذي يسندنا خلال هذه الأوقات الصعبة".
تعتبر رسوم التوظيف، رغم أنها غير قانونية، جانبا واسع الانتشار في ممارسات التوظيف في الخليج، وقد تقاعست الإمارات عن الحد من هذه الممارسات فعليا. أظهرت أبحاث سابقة لـ هيومن رايتس ووتش أنه بينما تعمل شركات التوظيف في كثير من الأحيان في بلدان الأصل، فإن شركات التوظيف في بلدان المقصد مثل الإمارات ترفع أيضا رسوم التوظيف.
يمكن لأصحاب العمل رفض تغطية جميع التكاليف المتعلقة بالتوظيف أو جزءا منها أو الحصول على عمولات مقابل طلبات العمل التي يمررها مسؤول التوظيف إلى العامل. في حالات أخرى، قد يقوم أصحاب العمل بتغطية جميع التكاليف، لكن غياب الرقابة والعناية الواجبة يعني أن شركات التوظيف التي لا تلتزم بالأخلاق المهنية يمكنها فرض رسوم على كل من صاحب العمل والعامل.
قال من قابلناهم إن قدرتهم على سداد ديون التوظيف المستحقة تتضاءل بشكل أكبر خلال الأحداث المناخية القاسية التي تدمر سبل عيشهم مع زيادة النفقات مثل الطعام أو المأوى المؤقت. تستمر أقساط الفائدة الباهظة في التراكم، مما يؤدي إلى إغراقهم في الديون بشكل أكبر، وفي كثير من الحالات، يتعرضون لخطر فقدان ممتلكاتهم مثل الأراضي أو المنازل أو المجوهرات التي يرهنوها للحصول على القروض.
قال أب باكستاني لعامل وافد مقيم في الإمارات: "... حتى الآن [بعد مرور عام]، لم يرسل لنا [ابني] فلسا واحدا. يستمر المُقرض في المطالبة بأمواله... [لكن] فقدنا كل شيء في الفيضان. بمجرد أن نتلقى الأموال منه [ابني]، سنسدد القرض على الفور".
مع ذلك، لا يضمن دفع رسوم التوظيف الباهظة بأي حال من الأحوال للعمال الوافدين عملا آمنا ومستقرا يفي بالوعود التعاقدية.
تتجلى حالة عدم اليقين والمخاطر المتعلقة بنتائج الهجرة في حالة أحد ضحايا فيضان ميلامتشي المدمر عام 2021 من نيبال، والذي قال: "أثناء الفيضان، كل ما أردناه هو أن ننقذ حياتنا. نجونا، لكننا فقدنا كل شيء. قضى الفيضان علينا".
تتجه زوجته إلى الإمارات للعمل كنادلة، مما يكلفها 200 ألف روبية نيبالية (1,495 دولار)، اقترضوها بفائدة سنوية تبلغ 24%. قال: "سيذهب راتب عامها الأول [262 دولار شهريا] لسداد القروض فقط إذا سارت الأمور على ما يرام. هذا هو السيناريو الأفضل. لكن هل سيدفعون لها راتبها [في الإمارات]؟ إنه حظها، مصيرها".
في حين لا يوجد دليل يعزو على وجه التحديد فيضان ميلامتشي إلى أزمة المناخ، توقعت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ زيادة في هطول الأمطار اليومي في معظم أنحاء منطقة جنوب آسيا وأن المزيد من ارتفاعات درجات الحرارة المرتبطة بالمناخ تزيد من خطر الفيضانات الشديدة، وخاصة أثناء الأمطار الموسمية.
قال أب بنغلاديشي لعامل سابق وعاملين حاليين مقيمين في الإمارات، إن صيد الأسماك والزراعة حيث يعيش في ساتكيرا لم يعودا مربحين. لكن العمل المكلف للغاية في الخارج لم يؤت ثماره أيضا، حيث لم يتمكن سوى واحد من أبنائه الثلاثة من إرسال التحويلات المالية أثناء حالات الطوارئ، وإن كانت تتراوح بين خمسة إلى عشرة آلاف تاكا بنغلاديشي (45 إلى 90 دولار) شهريا.
قال الأب، وهو نفسه عائد من العمل في السعودية: "نحن من بلد فقير، وكما جيلي، يتعرض أبنائي أيضا للاستغلال... شهدت العديد من الكوارث في حياتي... [الأعاصير] سيدر، أيلا، بلبل، أمفان... هذه الكوارث تحدث على نطاق أوسع مما يجعلنا أكثر فقرا".
وصف أحد أبنائه الوضع في الإمارات الذي حد من قدرته على إرسال الدعم المالي إلى وطنه. كان يحصل على 750 درهم (204 دولار)، رغم من أنه وُعد بـ 1,200 درهم (327 دولار). لكن الشركة توقفت عن دفع هذا المبلغ بعد بضعة أشهر. قال لـ هيومن رايتس ووتش: "عندما لم تكن الشركة تدفع رواتبنا في الوقت المحدد، كانت تدفع لنا بدل طعام [200-300 درهم (54-82 دولار)] بدلا من ذلك. كانوا يقولون إنه لا ينبغي للعمال أن يعترضوا بما أن الشركة تغطي مصاريف الطعام". وصف مكان إقامته بأنه "حاوية" وكان عليه قضاء أربع ساعات في التنقل للعمل كل يوم.
قال إنه لم يتمكن من تغيير وظيفته وكان خائفا جدا من الهروب للعمل بشكل غير نظامي كما فعل العديد من زملائه. أضاف: "أتمنى أن أذهب إلى بلد فيه بعض المرافق [المعيشية] الأساسية، ويحترم العمال، ويدفع رواتبهم في الوقت المحدد".
وفقا للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، فإن الاضطرابات المناخية مثل الأعاصير والعواصف في جنوب آسيا تدفع أيضا المياه المالحة إلى الأراضي الزراعية الساحلية، مما يتسبب في أضرار طويلة الأمد للمحاصيل، وفي منطقة في ساتكيرا، انخفضت الأراضي الزراعية الخالية من الملوحة إلى الصفر على مدى العقدين الماضيين.
تُفاقم حالات الطوارئ المناخية الضغط النفسي الناتج عن سرقة الأجور وديون التوظيف، حيث تواجه الأسر في البلدان الأصلية أوضاعا مزرية ومهددة للحياة بشكل متزايد. قال العمال غير القادرين على إرسال تحويلات مالية بسبب انتهاكات العمل إن المعضلة التي يواجهونها هي أن أسرهم تفقد الدعم المالي المهم والمساعدة التي كان من الممكن أن يقدموها للمهام العاجلة مثل إعادة بناء الممتلكات المتضررة لو لم يسافروا.
قال عامل بناء باكستاني، وُعد بمبلغ 1,700 درهم (460 دولار) لكن لم يُدفع له سوى 1,200 درهم (320 دولار) رغم دفع رسوم توظيف باهظة، إن فيضانات 2022 دمرت منزله وماشيته: "نزحت عائلتي إلى قارعة الطريق، حيث خيموا في العراء لأكثر من شهرين ونصف". وقرر العودة لمساعدتهم: "[بعد الفيضانات] حاولت العودة إلى باكستان، لكن صاحب العمل قال إنني لا أستطيع ذلك لأن عقدي مدته عامين". اضطر إلى دفع ألف درهم (272 دولار) حتى يستعيد جواز سفره.
عاد باكستاني آخر مبكرا بعد فيضانات 2022 رغم من دفعه 250 ألف روبية باكستانية (900 دولار) مقابل الوظيفة، وبيع الماشية والاقتراض بشكل غير رسمي. قال: "مكثت في دبي ثمانية أشهر، ولم أكسب سوى 700 درهم [190 دولار] مع أنهم وعدوني بـ 1,100 درهم [300 دولار]. عدت بعد الفيضانات لأن دخلي لم يكن كافيا لإعالة أسرتي...".
عاد عامل وافد بنغلاديشي إلى وطنه في 2023 بعد أن أمضى 18 شهرا من عقده البالغة مدته عامين بسبب سرقة أجره رغم دفعه 300 ألف تاكا [2,734 دولار] مقابل الوظيفة. قال لـ هيومن رايتس ووتش: "رأيت أنه لن يكون هناك تقدما حتى لو بقيت في الإمارات 20 عاما، بينما ستستمر عائلتي في المعاناة، لذلك لم يكن هناك خيار سوى العودة... لم يكن الحظ إلى جانبي. لم أتمكن من إرسال ما يكفي من المال [حتى] لسداد قروض التوظيف". لا يزال يستحق راتب أربعة أشهر، وهو في وضع مالي أسوأ مما كان عليه قبل هجرته.
يفرض قانون العمل الإماراتي دفع الرواتب شهريا من خلال "نظام حماية الأجور". إذا لم يدفع أصحاب العمل رواتب موظفيهم، ينص القانون على أن عدم الامتثال يؤدي إلى عقوبات، بما في ذلك تعليق تصريح العمل وإجراءات القانونية، وغرامات. وفقا لتقرير وزارة الخارجية الأمريكية لعام 2023 عن الاتجار بالبشر، تعاملت "وزارة الموارد البشرية والتوطين" الإماراتية مع 46,819 حالة عدم دفع الأجور خلال 2022. مع ذلك، لا تزال هناك فجوات خطيرة في إنفاذ القوانين.
أظهر تقرير لـ"البنك الدولي" أن تكاليف التوظيف المرتفعة تشكل بالفعل عائقا كبيرا أمام هجرة الأسر الأكثر فقرا. يتفاقم واقع عدم التنقل غير الطوعي هذا بسبب أزمة المناخ التي يمكن أن تؤدي، إلى جانب نقص الموارد المالية أو الوصول إلى الائتمان، إلى محاصرة الناس، مما يجعلهم عرضة لمخاطر المناخ والفقر، كما لاحظت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.
قصور الإصلاحات في الإمارات في معالجة انتهاكات نظام الكفالة
شرعت الإمارات في موجات متعددة من الإصلاح القانوني، لكن أصحاب العمل ما زالوا يسيطرون بشكل غير متناسب على العمال. يعاني العمال من أجل تغيير وظائفهم رغم أنه يمكنهم بموجب القانون تغيير وظائفهم بموافقة صاحب العمل ويحتاجون إلى سبب "مشروع" للقيام بذلك بدونها. رغم عدم قانونية الأمر، إلا أن أصحاب العمل غالبا ما يُصادرون جوازات سفر العمال. يمكن لأصحاب العمل توجيه اتهامات كاذبة بالهروب حتى عندما يغادر العمال هربا من الانتهاكات، مما يعرض العمال لخطر الاحتجاز والترحيل. حتى العمال المنخرطون في مدينة "إكسبو دبي"، حيث سيُعقد كوب 28، واجهوا انتهاكات واسعة النطاق مثل سرقة الأجور ورسوم التوظيف غير القانونية ومصادرة جوازات السفر، رغم الحماية الإضافية بموجب "سياسة رفاهية العمال في إكسبو 2020 الإماراتي".
رغم أن قانون العمل الإماراتي يحظر ويجرم صراحة جميع أشكال العمل القسري، إلا أن انتهاكات العمل المتفشية، بما في ذلك المديونية ومصادرة جوازات السفر وعدم التنقل الوظيفي، تجعل العمال الوافدين في أوضاع هشة للغاية تصل في كثير من الحالات إلى مستوى العمل القسري.
طلب عامل نيبالي من والده إرسال تقرير طبي مزور يفيد بأن زوجته المريضة بحاجة إلى رعايته بشكل عاجل حتى يتمكن من استرداد جواز سفره من صاحب العمل، الذي طلب ستة آلاف درهم (1,633 دولار) مقابل ذلك. قال: "كان العمل صعبا للغاية من الناحية الجسدية. كان رئيس العمال يضربني". خفّض صاحب العمل الرسوم إلى ألفي درهم (544 دولار)، أرسلها والده من نيبال على شكل "تحويلات مالية عكسية" بعد أن استدانها.
اختار عامل بناء باكستاني العودة بعد فيضانات 2022 التي دمرت منزله وممتلكاته. قال: "خلال وجودي هناك، احتفظت الشركة بجواز سفري... أخبرتهم قصة كاذبة عن وفاة ابني لاستعادته". أضاف في إشارة إلى دبي: "ليس كل ما يلمع ذهبا".
عمال وعاملات المنازل، المستبعدين من قانون العمل الإماراتي، إلى جانب الرعاة ورعاة الإبل وعمال المزارع، هم الأكثر عرضة للاستغلال. كثيرا ما يتم تضليلهم أثناء التوظيف بوعود كاذبة بوظائف مختلفة، ويواجهون انتهاكات سرقة الأجور، وغالبا ما يعملون في ظروف معزولة وغير إنسانية في بعض الأحيان.
قال عامل باكستاني لـ هيومن رايتس ووتش إنه دفع 250 ألف روبية باكستانية (873 دولار) ليعمل على رعاية 70 عنزة وسبعة جمال في صحراء الإمارات مع زميل واحد فقط. لم يدفع له صاحب العمل سوى 800 درهم (217 دولار) شهريا، ولم يوفر له مأوى مناسبا ولا حماما ولا بدلا للطعام، مما لم يترك له سوى القليل ليرسله إلى المنزل. في ظل درجات الحرارة المرتفعة، كان يضطر إلى تقنين استخدام المياه، والتي كان الكفيل يوصلها كل 7-8 أيام.
رفض صاحب العمل طلبه للحصول على زيادة أو دعم مالي في أعقاب فيضانات باكستان عام 2022 التي دمرت عائلته. بدلا من ذلك، أعطي إنذارا للعمل بنفس الأجر أو ترك العمل. اختار المغادرة، رغم ديون التوظيف المستحقة، وقال إن والدته قالت له: "عُد وسنجد طريقة للبقاء على قيد الحياة هنا... تناول الطعام مرة والجوع مرة أفضل من إقامتك في الخارج. حياتك بعيدا لا تحل مشاكلنا المالية".
درس باحثون أكاديميون أيضا الطرق الأخرى التي استغل بها القائمون على التوظيف الكوارث المناخية كوسيلة ضغط أثناء توظيف العمال. سلطت البروفيسورة ناتاشا إسكندر من جامعة نيويورك الضوء على الطريقة التي قامت بها الشركات القطرية بتوظيف العمال من المناطق المتأثرة بالمناخ التي أصبحت فقيرة حديثا بأجور منخفضة. تُظهر أبحاث هيومن رايتس ووتش أيضا أن العمال الوافدين غالبا ما يتسامحون مع انتهاكات العقود وانتهاكات الأجور بسبب غرقهم بالدين وخيارات كسب العيش المحدودة في أوطانهم، والتي تعوقها تأثيرات المناخ بشكل أكبر.
قال رجل بنغلاديشي من ساتكيرا إن راتبه ظل دون تغيير ست سنوات، ولا يزال دين التوظيف مستحقا. أدى تسرب الملوحة في مدينته الأم إلى انخفاض إنتاجية الخضار والفواكه. قال: "أرسل ما بين 15 إلى 17 ألف تاكا [135-226 دولار] كل شهر. أعلم أن هذا المبلغ قليل جدا... إذا عدت إلى بنغلاديش، الخيار الوحيد هو العمل في تلك المجالات. بدلا من ذلك أفعل ما أفعله في دبي... إذا طلبت من الشركة ورقة تسريح [لتغيير الوظائف]، سيلغون تأشيرتي".
قال والد عامل وافد مقيم في الإمارات من مونبورا، بهولا، في بنغلاديش، إن ابنه استغرق 11 عاما ليحصل على 30 ألف تاكا بنغلاديشي (273 دولار) شهريا، وهو ما كان من المفترض تعاقديا أن يكون راتبه المبدئي. دفع ابنه رسوم توظيف قدرها 370 ألف تاكا بنغلاديشي (3370 دولار). قال إن مونبورا معرضة للأعاصير وانجراف الأنهار وانخفاض إنتاجية المحاصيل. وقال: "لا أستطيع أن أطلب من ابني العودة والانضمام إلي في الزراعة".
المجتمعات الضعيفة
تقدم تجارب المجتمعات الضعيفة في جميع أنحاء دول جنوب آسيا لمحة عن مستقبل مليء بالتحديات حيث تفرض أزمة المناخ خسائر متزايدة. تأثر الأشخاص الذين تمت مقابلتهم من باكستان بالفيضانات المدمرة التي حدثت عام 2022، ومن بنغلاديش بالأعاصير وتسرب الملوحة وانجراف الأنهار، ومن نيبال بالفيضانات والجفاف وعدم انتظام هطول الأمطار. لم تستعدّ حكومات بنغلادش وباكستان ونيبال بشكل كافٍ لمواجهة الأحداث المناخية شديدة الخطورة الناجمة عن تغير المناخ.
قال رجل باكستاني من خيربور تأثر كثيرا بفيضانات عام 2022: "ليس هناك معاناة أكبر من رؤية منزلك ومجتمعك تحت الماء. كان لدينا منزلنا الخاص في القرية، لكن هنا، يجب علينا دفع الإيجار والمرافق والتكاليف الأخرى. ... كما فقدنا جاموستين وثلاثة عنزات... وكنا نبيع حليبها لدعم دخلنا".
قال رجل بنغلاديشي من خولنا متضرر من تسرب الملوحة. "[أثناء نشأتي]، لم يكن علينا شراء أي خضروات. بعد تلبية احتياجات عائلتنا، كنا نقوم ببيع الباقي. الآن، لا نستطيع حتى تلبية احتياجاتنا، وأصبح البيع في السوق غير وارد".
قال عامل وافد إلى الإمارات من سيندهوبالتشوك في نيبال: "عائلتنا تعتمد على الزراعة. يهطل المطر في الوقت الذي لا ينبغي له ذلك، وينحبس عندما ينبغي له أن يهطل. في هذا الوقت، تكون الجبال مغطاة بالكامل بالثلوج لكننا لم نرَ الكثير من الثلوج... نحن مزارعون نعيش على الكفاف. فيما مضى كان بإمكاننا بيع المحاصيل... لكن الآن لدينا بالكاد ما يكفي لأنفسنا.
"سواء تغير المناخ أم لا، علينا أن نهاجر للحفاظ على مستوى المعيشة الأساسي … لكن الأمور تتغير. كنا مكتفين ذاتيا، لكننا الآن نشتري المواد [الغذائية]. العوائد أقل. الحشرات والأمراض أكثر شيوعا..."
خلص التقرير السادس للفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ إلى أن الناس في جنوب آسيا معرضون بشدة لخطر الجوع، والتأثيرات الملحوظة على سبل العيش بما في ذلك مصايد الأسماك والثروة الحيوانية، والفقر المدقع بسبب تغير المناخ. هذا هو فعلا واقع حياة الأشخاص الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش.
رغم الدمار، قال الأشخاص الذين قابلناهم إنهم لم يتلقوا سوى القليل من الدعم على المدى الطويل من حكوماتهم أو المنظمات الأخرى. حصل البعض على مأوى طارئ في المباني المدرسية وملاجئ الأعاصير أثناء الفيضانات والأعاصير، وأفاد عدد قليل منهم أيضا أنهم تلقوا دعما مؤقتا مثل الغذاء في حالات الطوارئ أو الخيام أو الدعم الطبي. تؤدي التأثيرات المناخية أيضا إلى تآكل أنظمة الدعم غير الرسمية حيث قال الذين قابلناهم إن أصدقاءهم وعائلاتهم تأثروا أيضا.
قال رجل من خولا في بنغلاديش: "إننا نتضرر دائما من الكوارث، لكننا نادرا ما نتلقى أي نوع من المساعدات الحكومية. نعاني، ونكافح، ونبدأ في بناء الأمل، لكنه يتحطم مرة أخرى".
ينبغي لحكومات البلدان التي تضم كبار منتجي ومصدري انبعاثات الغازات الدفيئة أن تفي بالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان للتصدي لتغير المناخ، بما في ذلك عن طريق الحد بسرعة من انبعاثات الغازات الدفيئة، وضمان الانتقال العادل والمنصف إلى الطاقة المتجددة، ومساعدة الناس على التكيف مع تأثير أزمة تغير المناخ.