(بيروت) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم في "التقرير العالمي 2024" إن السلطات السعودية قتلت مئات المهاجرين على الحدود السعودية-اليمنية في 2023، ما قد يرقى إلى جرائم ضد الإنسانية، حتى مع إنفاقها مليارات الدولارات لتحسين صورتها. كما حكمت السلطات على أشخاص بالسَّجن لعقود أو بالإعدام بسبب نشاطهم على وسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى إخضاعهم لمحاكمات جائرة وممارسات احتجاز تعسفية.
قالت جوي شيا، باحثة السعودية في هيومن رايتس ووتش: "تستخدم الحكومة السعودية صندوق الاستثمارات العامة التابع لها لتوسيع نفوذها وتمويل الفعاليات الرياضية الفخمة في محاولة لإخفاء انتهاكاتها الممنهجة لحقوق الإنسان. ينبغي ألا تحميها مليارات الدولارات التي تستثمرها من التدقيق في سجلها الحقوقي المريع، بما يشمل الأفعال التي قد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية".
في التقرير العالمي 2024 بنسخته الـ 34، الصادر في 740 صفحة، تُراجع هيومن رايتس ووتش الممارسات الحقوقية في أكثر من 100 بلد. في مقالتها الافتتاحية، تقول المديرة التنفيذية تيرانا حسن إن التبعات الكبيرة للعام 2023 لا تتعلق فقط بقمع حقوق الإنسان ووقوع فظائع حرب، ولكن أيضا بانتقائية الحكومات في التعبير عن الاستنكار والدبلوماسية المبنية على الصفقات، التي كان لها ثمن باهظ دفعه المستبعدون منها. لكنها تقول إنه كانت هناك أيضا إشارات تبعث على الأمل، ما يظهر إمكانية إيجاد مسار آخر، وتدعو الحكومات إلى عدم الاستثناء في احترام التزاماتها الحقوقية.
قتل حرس الحدود السعوديون ما لا يقل عن مئات المهاجرين وطالبي اللجوء الإثيوبيين الذين حاولوا عبور الحدود اليمنية-السعودية بين مارس/آذار 2022 ويونيو/حزيران 2023. وإذا كانت قد ارتُكبت عمليات القتل هذه كجزء من سياسة حكومية سعودية لقتل المهاجرين، فستكون جرائم ضد الإنسانية.
وحّد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان السلطة الاقتصادية في المملكة من خلال صندوق الثروة السيادية للبلاد الذي تبلغ قيمته 700 مليار دولار، المعروف باسم "صندوق الاستثمارات العامة"، والذي يخضع لقراراته الفردية دون شفافية أو مساءلة تذكران.
في يونيو/حزيران، ساهم الدمج المعلن بين صندوق الاستثمارات العامة و"رابطة لاعبي الغولف المحترفين" في تعزيز جهود الحكومة السعودية في "الغسيل الرياضي" لسجلها الحقوقي المريع، حيث مُنحت الحكومة السعودية نفوذا وسيطرة غير مسبوقين على أعلى مستويات لعبة الغولف الاحترافية. الاتفاق يفتقد إلى الشفافية وتعرّض للتدقيق، ولا يبدو أنه وضعت عليه اللمسات الأخيرة بعد.
كما يُستهدَف مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي بشكل متزايد من قبل السلطات السعودية ويعاقَبون بأحكام سجنية لعقود وحتى الإعدام بسبب ممارسة حقهم في حرية التعبير. أدانت "المحكمة الجزائية المتخصصة" السعودية السيئة الصيت المدرّس المتقاعد محمد الغامدي بعدة جرائم تتعلق بالنشاط السلمي على وسائل التواصل الاجتماعي في يوليو/تموز، وحكمت عليه بالإعدام. كما يلجأ القضاة والمدعون العامون إلى قوانين غامضة تتعلق بالجرائم الإلكترونية لقمع الأشخاص المشتبه في قيامهم بعلاقات جنسية خارج الزواج.
ما تزال المدافعات عن حقوق المرأة، بمن فيهن لجين الهذلول، خاضعات لمنع السفر وأحكام بالسَّجن مع وقف التنفيذ تسمح للسلطات السعودية بإعادتهن إلى السِّجن. ولا يزال نشطاء حقوقيون آخرون مسجونين تعسفا بتهم تتعلق بممارسة حقوقهم في حرية التعبير.
تستخدم السعودية أيضا أحكام قانون الإرهاب الفضفاضة لقمع المعارضة واستهداف الأقليات الدينية. يقضي صبري شلبي (66 عاما)، وهو طبيب مصري، حكما بالسجن 10 سنوات بعد ما بدا أنها محاكمة غير عادلة بتهم الإرهاب انتقاما لنزاع يتعلق بالعمل.
في يناير/كانون الثاني، نجحت السعودية في تسلّم حسن آل ربيع من المغرب، وسَعَت إلى محاكمته بتهم تتعلق بالإرهاب. يأتي ذلك بعد استهداف السعودية أفراد آخرين من عائلة آل ربيع بسبب جرائم مزعومة تتعلق بالاحتجاج والإرهاب، حيث يواجه أحدهم عقوبة الإعدام. وفي يونيو/حزيران، أعدمت السلطات السعودية رجلَيْن شيعيين بحرينيَّيْن في أعقاب ما وصفته "منظمة العفو الدولية" بـ "محاكمة فادحة الجور" بتهم الإرهاب.
تستمر السلطات السعودية في تطبيق عقوبة الإعدام حتى على الجرائم غير العنيفة. ففي مارس/آذار، أعدمت حسين أبو الخير بعد إدانته بجريمة مخدرات غير عنيفة وسط مزاعم بشأن التعذيب واعترافات قسرية.
تواصل السلطات السعودية فرض نظام الكفالة المنتهِك على العمال الوافدين. على الرغم من الإصلاحات الأخيرة، لا يزال نظام الكفالة يُكرس تعرض العمال للانتهاكات، بما يشمل العمل القسري.